Friday, July 11, 2008

خلاص يارجالة الفتوات هما الحل ،،،،،،بقلم محمد فهمى

Posted by مجلة المصداقية السياسية at 4:19 PM



إننا نعيش مظاهر البلطجة علي مدار الساعة.. وفي ظل وزارة داخلية قوية.. وأمن مركزي ومباحث وأقسام شرطة وكاميرات إلكترونية.. ومع ذلك فنحن لا نشعر بالأمان الذي كنا نشعر به.. أيام الفتوات!.
في الواحدة ظهرا.. انطلقت سيارة ملاكي إلي عزبة الكلاف بمحافظة القليوبية.. وبها ثلاثة أشخاص يحملون الأسلحة النارية.. وبعد دقائق دوي صوت الرصاص.. وعرف الناس أن البربري لقي مصرعه علي أيدي عائلة الكلاف.
إنها بلطجة!.
وقبل الغروب انهالت سيارة نصف نقل وبداخلها عدة أشخاص يحملون الأسلحة والذخيرة وعلب الكبريت.. متجهة إلي عزبة الكلاف.
اقتحموا البيوت.. وفتحوا أنابيب البوتاجاز.. وأطلقوا الرصاص.. وأشعلوا النيران.. وقتلوا 11 شخصا وأصابوا 13 آخرين، بينهم رضيع.. اضطر الأطباء لفصل ساقه إنقاذا لحياته.
إنها بلطجة!.
وفي العتبة استقلت نبوية أبوبكر وشقيقها عبدالمتيسر وابنها وليد عرب ميكروباصا.. عائدة لمنزلها بشارع الترعة البولاقية..وأثناء السير طلب منها السائق «الأجرة».. فأعطاه عبدالمتيسر 150 قرشا بواقع نصف جنيه للنفر.
استشاط السائق غضبا وقال لهم بصوت صارخ: انتم مش عايشين في الدنيا.. البنزين غلي.. والأجرة جنيه.
قالت نبوية إنها لم تكن تعرف أن الأجرة تضاعفت وأصرت علي دفع 75 قرشا للنفر.
أمسك السائق بالمحمول.. واتصل بأحد الأشخاص وقال له:
.. انتظرني علي القهوة.
واتجه السائق لمنطقة نائية.. لا تعرفها نبوية.. وفوجئت بثلاثة من الرجال الأشداء يجذبونهم خارج السيارة ويوسعونهم ضربا.. بالعصي والبونيات وتركوا الضحايا ينزفون.
إنها بلطجة!.
ونسمع في كل يوم عن حوادث اختطاف الفتيات واغتصابهن.. لدرجة أن ساقية الصاوي أعدت كورسات للسيدات للدفاع عن النفس ضد التحرش الجنسي لمدة تتراوح بين 6 و9 أشهر بتدريبات الكاراتيه والكونغ فو.. بعد انتشار حالات الاغتصاب بين النساء والأطفال.
إنها بلطجة!.
ونسمع عن سرقة مقبرة أم كلثوم بمقابر البساتين.. وسرقة مقابر أثرية في الدرب الأحمر.
إنها بلطجة.
ونسمع عن حوادث الضرب التي يتعرض لها نجوم الدعوة الإسلامية.. من جانب فتيات.. يدعين علي الدعاة الذين يظهرون علي الشاشة.. بما لا يليق بمبني ماسبيرو.
إنها بلطجة.
ونسمع عن المشاجرات في طوابير الطابونة للحصول علي رغيف المصيلحي.
ونسمع عن الموتوسيكلات التي تخطف حقائب السيدات.
ونسمع عن الضوضاء التي تصدر من مقاهي الشيشة.
ونسمع عن قيادات صحفية بددت ثمانية مليارات من الجنيهات ولم يحاسبها أحد.
ونسمع عن فشلنا في جمع القمامة.. وتنظيم المرور.. وإعادة الانضباط للشارع المصري.
كلها نطاق لمرض واحد اسمه: البلطجة.
والمثير في الموضوع.. أننا نعيش مظاهر البلطجة علي مدار الساعة في ظل وزارة داخلية قوية.. وقوات أمن مركزي.. ومباحث.. وأقسام شرطة.. وحراسات خاصة.. وعيون سحرية.. وكاميرات إلكترونية.. ومع ذلك فنحن لا نشعر بالأمان الذي كنا نشعر به مع البدايات الأولي للقرن الماضي.
علي أيامنا.. كان الفتوات.. هم الذين يحكمون الآداب العامة.. ويحافظون علي التقاليد.. ولهم من الصول والطول والقوة والحول.. واكتساب المال من الحلال.. ما يمكنهم من القدرة علي النفع والضر.
لم يكن الفتوة.. لصا.. ولا فاسدا.. ولا مرتشيا.. ولذلك فقد كان يلقي الاحترام.. فضلا عن قدرته علي توقيع العقاب دون حاجة المظلوم إلي المرمطة في المحاكم.
الفتوة الشريف يخيف المفسدين.
وقبل أن تسرقنا السطور.. أود الإشارة إلي الفارق الشاسع بين الفتوة.. والبلطجي.
البلطجي يسرق.. ويفرض الإتاوات علي الفقراء بغير حق.. وله سوابق.. ويتردد علي السجون كثيرا.
أما الفتوة.. فله هيبة.. ويسير وسط كوكبة من الرجال الأشداء الذين يتميزون بقلة السوابق والقوة الجثمانية والقدرة الفائقة علي البطش.. وشد الحبل.. ومن أهم سماته.. الوقوف علي الحياد عند إجراء الانتخابات.. فلا هو وفدي ولا هو سعدي.. ولكن ديمقراطي.. يؤمن بتبادل السلطة.. وأن البقاء لله وحده.
علي أيامنا.. لم نكن نعرف قانون الطوارئ.. ولا قانون الإرهاب.. ولا حتي.. جمال عبدالناصر.. بيد أنه كان من المألوف أن يفرض الفتوة الأحكام العرفية في منطقة نفوذه وفق أسباب وأوضاع يري أنها تقتضي ذلك.. وتلقي القبول من الناس.
ويقال إن فتوة السيدة زينب.. كان يسابق الترام من العتبة وحتي باب الخلق.. كان اسمه علي الحسيني.. عليه رحمة الله وكان بطل مصر في الجري سنة 1928.
أيام الفتوات لم نكن نسمع عن القتلي الذين يلقون حتفهم في الأفراح من جراء إطلاق الرصاص تحية للعروسين.
يلقي المعازيم حتفهم برصاص البلطجة.
زمان كانت الزفة البلدي تبدأ من بيت العروس في سيدنا الحسين إلي بيت العريس في السيدة زينب.. وكانت العربات الحنطور تتهادي علي مهل في طابور طويل تتوسطه عربة العروس وقد نثرت عليها الورود.. وعلي جانب كل عربة رجلان يحمل كل منهما شومة غليظة وأمامه صف العربات تسير فرقة حسب الله.. يتقدمها المعلم فهمي الفيشاوي فتوة الحي الحسيني.. وكبار المعلمين في المنطقة.. ثم الطبل البلدي ثم فرقة النقرزان.
وعند مقهي «توتو» في ميدان السيدة.. يقف الموكب لتحية فتوة السيدة زينب.. وعزف الطبل البلدي الذي يطلق عليه «السلام المربع».. ويخرج «المعلم علي» فتوة السيدة زينب.. ويصافح زميله فتوة الحي الحسيني.. ويصيح الفيشاوي:
سلام مربع لعلي بيه!
.. الحسينية.. وأحمد عرابي.
- ألف مرة
- وبولاق.. وإبراهيم كروم.
- ألف مرة.
- والدرب الأحمر.. وعزيزة «الفحلة».
- ألف مرة.
ويجامل علي بيه زميله قائد الزفة.. ويمشي بجواره حتي يصل الموكب لبيت العريس.. حيث يتناولون أكواب الشربات.
ولم نسمع.. علي أيامنا.. أن طلقة واحدة قد أطلقت، أو أن أحدا قد لقي مصرعه.
كانت أحياء مصر آمنة.
من الممكن.. طبعا.. أن يلقي العريس يمين الطلاق علي عروسه بعد ذلك.. ولكن تلك «طلقة» وطلقات الرشاشات في الأفراح.. نقرة أخري.
لقد استطاع الفتوات.. الذين لا يعملون في أجهزة الحكومة.. توفير الأمن والأمان للشارع المصري.
لم يكن الفتوة يتولي موقعه بالتعيينات والقرارات.. ولا بناء علي معارك عسكرية خاضها.. وإنما بناء علي شعبيته وقدرته علي فرض الآداب العامة.. واحترام الحي له.
كان الفتوة يصل لمكانته بالتوافق الشعبي.. فيما يشبه الانتخابات الحرة النزيهة.. ويظل يحتفظ بهذه المكانة.. إلي أن تتقدم به السن.. وتهبط قدراته.. ويواجه الأوجاع والاسقام.. فيترك موقعه لفتوة آخر.. أكثر شبابا وتأثيرا.. ومواكبة للعصر ومتطلباته.
كل زمن وله فتواته.
وكل زمن له مواصفاته.. إذ لم يكن من المقبول.. أن تجدد الأحياء الأخري شبابها.. بينما يبقي فتوة حي ما.. في موقعه.. وسط جيل جديد من الفتوات.. الأكثر شبابا.. وتألقا.
الفتوة الضعيف.. يجعل البلطجية.. أرباب السوابق.. هم السادة.. الذين يسيرون الأمور ويتحكمون في مصائر البسطاء.. بالغش والاحتيال وفرض الإتاوات.
البلطجية.. ينشرون الفوضي والفساد والرشوة وتزوير الشهادات الطبية.. وهم يستثمرون ضعف الفتوة الكبير الذي فقد مكانته.
البلطجية يحولون «الحي» إلي غابة.
الآن.. أنت تسمع عن عمال حديقة الحيوان الذين يأكلون الحيوانات المفترسة، وفقا لما جاء في مانشيت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية.
ورصدت الصحيفة الأمريكية اختفاء ثعالب وحمير وحشية ونمور سوداء وزرافات وحيوانات أخري وطيور.
هذه البلطجة لم تكن تحدث أيام الفتوات الذين شكلوا العمود الفقري للقيم المصرية الأصيلة.. وحافظوا علي تراثنا وأخلاقنا وتقاليدنا لسنوات طويلة.
أنت تسمع قيام البلطجية بالاستيلاء علي 300 فدان في طريق مصر - اسكندرية الصحراوي تابعة لإحدي الشركات ووقوع اشتباكات بين الشرطة والبلطجية أدت لإتلاف سيارة مدرعة ووفاة أربعة أشخاص.
أريد أن أقول إن ظهور البلطجة أدي لإتلاف سيارة مدرعة ووفاة أربعة أشخاص.
أريد أن أقول إن ظهور البلطجة وانتشار البلطجية.. هو إشارة لضعف الفتوة.
نحن في حاجة إلي فتوات في كل شارع.. وكل حي.
نحن في حاجة إلي فتوات شرفاء.
فتوات يلقون احترام الجماهير.. ولا تشوب سمعتهم الشوائب.
نحن في حاجة إلي فتوات يشعر الناس في ظلهم بالأمن والأمان.
نحن في حاجة إلي رموز.. تعلي من قدر الشهامة والكرامة والأمانة.. وإتقان العمل.. حتي نعيد لمصر جمالها وأمنها ورونقها.
نعيد لها سمات الزمن الجميل.. عندما كانت الكلمة العليا هي كلمة الفتوات.. وكانت كلمة الفتوة تدخل الرعب في قلوب البلطجية!.

0 comments

 

خادم الحرمين زعيم العرب وامير المؤمنين Copyright © 2009 Blue Glide is Designed by Ipietoon Sponsored by Online Journal