

رئيس الوزراء
د. نظيف فى حوار جرئ وصريح جداً : سنقضى على طوابير العيش بتطوير صناعة وتوزيع الخبز
نشرت (مجلة المصور) حوارا شاملا مع الأستاذ الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء
بهدوء بالغ استمع الدكتور أحمد نظيف لكل أسئلتي الصعبة والتى ربما سمعها لأول مره فى حوار صحفى .. وبذات الهدوء اجاب عنها كلها .. لم ينزعك او يستنكر سؤالا مثل السؤال عن الشائعات التى تلاحق حكومته بالتغيير وعما سيفعله عندما يترك الحكومة .. ولم يتجاهل الإجابة عن سؤال حتى ولو كان حول وجود مراكز قوى فى الحكومة وتضارب المصالح للوزراء رجال الأعمال . وشجعني هذا الهدوء على أن اطرح عليه أسئلة عن كل الأمور التى تؤرق الناس ابتداء من عودة طوابير العيش مره أخرى ومرورا بارتفاع اسعار السلع الأساسية والغذائية الذى لم يتوقف قبل وبعد علاوة ال 30% وانتهاء بالضريبة العقارية التى يخضى أبناء الطبقة الوسطى ان تضيف عليهم عبئا جديدا وهم لم يتدبروا أمورهم بعد لمواجهة زيادة رسوم المدارس الخاصة وارتفاع أسعار البنزين . وعلى مدى اكثر من ساعة مضى رئيس الوزراء فى مكتبة ا لانيق بالقرية الذكية الذى يطل على مكان رحب ، يجيب عن كل الأسئلة باهتمام بالغ وبكلمات واضحة لا تحتمل لبسا بعيدا عن الصياغات الدبلوماسية التى تخفى اكثر مما تكشف والتى يلجأ إليها المسئول إذا كان يبغى التهرب من الإجابة عن سؤال ما . ولم يوقف استرسال رئيس الوزراء فى الإجابة عن الأسئلة شئ .. فقد خلا اللقاء من تلك الاتصالات التليفونية التى لا تتوقف عادة فى مكتب اى مسئول . كما لم يدخل عليه أحد لينبهه الى أن الموعد الثانى قد حل ، لان موعدى لحسن الحظ كان اخر موعد له فى يوم إجراء هذا الحوار .. لذلك أجاب د. نظيف عن كل الأسئلة بتركيز واضح وبأقل قدر من الكلمات الخالية من السهاب الإنشائي . وطوال الوقت لم تفارق الابتسامة وجه الدكتور نظيف الا عندما سألته ع ن اصعب المواقف التى مرت به خلال عملة كرئيس وزراء ، فقد تذكر حادث غرق العبارة ، وأزمة أنفلونزا الطيور . وهكذا .. تضافرت كل الظروف لتقديم لقرائنا حديثا جريئاً وصريحاً جدا مع رئيس الوزراء . والى تفاصيل الحوار الجرئ والصريح جدا . لماذا عادت طوابير العيش من جديد رغم المضى قدما فى عملية فصل الإنتاج عن التوزيع ؟ هل تراجعت الرقابة على المخابز فتسرب الدقيق منها .. أم انخفضت كميات الدقيق وبالتالى انخفض إنتاج العيش؟ .. أم أننا انشغلنا بمشاكل أخرى عن حل مشكلة طوابير رغيف العيش ؟ بالفعل لاحظت خلال اجتماع المتابعة فى الأسبوع الماضى حدوث نوع من الثبات فى أزمة الطوابير بعد أن كان هناك تحسن فى فترة سابقة ولكنها ليست ردة ولذا نبحث عن طرق وأساليب جديدة لعلاج هذه الظاهرة . وفى بداية تطبيق خطة مواجهة الطوابير زادت الرقابة ، لذلك انتظمت الأمور وتراجعت الطوابير ، ثم مع مرور الوقت قلت هذه الإجراءات لذلك طلبت زيادة الرقابة على المخابز ، وفى تصورى ان التعامل تم بشكل مرحلى مع أزمة الطوابير ، فما فعلناه هو مرحلة للقضاء على المعاناة اليومية للمواطن وبالفعل تم ذلك بدرجة كبيرة عدا بعض الأماكن التى بها نقص فى ا لمخابز مثل الدقى بالجيزة ،، والمرحلة الثانية هى الاستمرار فى علاج المشكلة الرئيسية للطوابير وتتمثل فى أننا أمام نظام غير كفء لصناعة الخبز وتوزيعه ، وبالتالى ثمة ضرورة لتطوير هذه الصناعة ، ففى كل دول العالم يتم بيع الخبز فى العديد من المنافذ والمحلات والسوبر ماركت . ونعمل على تطوير هذه المنظومة فى المدى المتوسط والبعيد . هل يتضمن تطوير هذه المنظومة توزيع العيش ببطاقات التموين او بطاقات الرقم القومى ؟ عندما تم تسجيل المواليد على بطاقات التموين اشاع البعض ان الخبز سيتم توزيعة على البطاقات وهذا امر غير صحيح تماما ، وليس هدفنا ولكن الخدف هو معرفة كم رغيفا تحصل عليه كل اسرة والمخابز التى تشترى العيش منها ، ومن ثم نحصل على معلومات اوضح لتوزيع الخبز اذا قضينا على تهريب ا لدقيق المدعم من المخابز قد يحدث تسرب للخبز نفسة وذلك بشرائة بالكيلو لاستخدام كعلف للماشية والدواجن والأسماك وهذا امر خطير ، ولذا عندما نسجل هذه البيانات يكون لدينا تصور واضح بتوزيع الخبز ثم ننتقل الى مرحلة اخرى بان تضمن الحكومة توفير الكميات التى تكفى استهلاك الاسر وفى اى وقت بل تقوم بتوصيله الى المنازل اذا أرادت هذه الاسر .. هذا هو التطوير الحقيقى لمنظومة الخبز . هل هناك تفكير فى تخفيض وزن الرغيف ، على غرار ما حدث فى بعض المحافظات لتوفير عدد اكبر من الأرغفة ؟ لا .. هدفنا توصيل وجبة غذائية للأسرة المصرية لا تقل فى مضمونها الغذائى عما هى عليه حالياً ، وطرحنا أفاكرا كثيرة منها استبدال الدعم العينى بالدعم النقدى فمثلا الأسرة التى تشترى 20 رغيفا مدعما يوميا بدلا من ذلك نمنحها الدعم النقدى لشراء الكمية نفسها لتشتريه بمعرفتها ومن ثم نحرر صناعة الخبز ،، واعتقد اننا لا بد أن نصل بهذه المرحلة مستقبلا . ألم يتم مؤخراً التراجع عن فكرة الدعم النقدى ؟ فكرة الدعم النقدى تأجلت فقط وذلك نتيجة لارتفاع أسعار القمع عالميا ، والذى حال دون الإسراع فى هذا الاتجاه الذى لاقى قبولا عندما طرحناه ولكن من الصعب تطبيقه فى ظل وجود هذه الأزمة العالمية للقمح ، وننتظر استقرار الأمور أولا حتى نعيد التفكير فى تطبيقه وذلك من خلال حوار مجتمعى . لكن تطبيق نظام الدعم النقدى مرهون بحصر دقيق للفقراء فى مصر وهذا لم يتم بعد .. الى اى مدى وصل الحصر المتعلق بتحديد الأسر الفقيرة فى مصر ؟ عدد المستفيدين من معاش الضمان الاجتماعى وصل لمليون شخص ويحصل على هذا المعاش من تنطبق عليه الشروط وهى فقد الأسرة لعائلها أو أن يكون لديه نسبة عجز محددة ، ولكى يتم زيادة عدد المستفيدين من معاش الضمان الاجتماعى فلا بد من إعادة النظر فى الضوابط التى تحدد الأسر المحتاجة لهذا الدعم ن ونحن بصدد إعداد دراسة لزيادة عدد المستفيدين من هذا الدعم من خلال تغيير الضوابط الحكومية حتى تنطبق على أعداد اكثر . نحن نعانى من مشكلة ارتفاع أسعار السلع الغذائية .. وكل التوقعات العالمية والمحلية تشير الى استمرار هذه المشكلة لعدة سنوات قادمة .. ما هى خطة الحكومة بعد علاوة ال 30% لمواجهة هذه المشكلة وتخفيف معاناة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة منها ؟ هناك اكثر من اتجاه نسير فيه وسنستمر فيه .. لقد قمنا برفع العلاوة الى 30% وتحسين مرتبات الموظفين ووقف تصدير الأرز وتخفيض الجمارك على بعض السلع الغذائية وإضافة مقررات على البطاقات التموينية وتشديد الرقابة على الأسواق .. فمعالجة الغلاء مبينة على أسس اقتصادية ،وهذه المعالجة لها شان الأول هو زيادة الدخل بمعدل أعلى من الزيادة فى الأسعار ، ونتوقع دائما الزيادة فى أسعار السلع فى مصر ولكن بنسب تقل عن زيادة الدخل ، والشق الثانى يتمثل فى توفير البدائل فمثلا بجانب إضافة مقررات تموينية على البطاقات نهتم بزيادة الدور الذى تلعبه المجتمعات الاستهلاكية ، ولذا طلبت من وزير الاستثمار تطوير هذه المجمعات بالشكل الذى تستطيع من خلاله توفير السلع خاصة الأساسية بأسعار مناسبة تتضمن هامش ربح ضئيلا فوق التكلفة إما بيعها بسعر التكلفة فيعنى العودة للدعم المستمر وظهور السوق السوداء . وبالفعل نجحت المعارض الغذائية التى عقدت فى الفترة الماضية فى ضبط أسعار السلع فى السوق . وخلال شهر مايو الماضى استقرت أسعار السلع الغذائية ولم تحدث زيادة كبيرة كما كان متوقعا للتزامن مع صرف العلاوة . لماذا لا يتم إجراء دراسات لتحديد هامش ربح السلع الأساسية حتى يتم الاسترشاد به فى الأسواق فى إطار عملية ضبط هذه الأسواق ، خاصة أن الاتفاقات الودية مع التجار أسلوب ثبت عدم جدواه للسيطرة على الغلاء ؟ هذا دور جهاز حماية المستهلك الذى يعرض الأسعار الاسترشادية للناس ويوفر المعلومات الخاصة بذلك للمستهلكين حتى لا يقوم بعض اتجار بالمغالاة فى هامش الربح ، فاقتصاد السوق له آليات أهمها التوازن بين العرض والطلب لكن بعض التجار يغالون فى الربح مستغلين عدم توافر المعلومات لناس بخصوص أسعار السلع ، ومن المهم مع تطبيق آليات السوق وضع الضوابط والأدوات التى تسمح بعمل هذه الآليات بشكل صحيح . وعدت الحكومة بمضاعفة كميات السلع على بطاقات التموين لكن ذلك لم يحدث والبعض يقول إن وزير المالية د . يوسف بطرس غالى رفض مضاعفة كميات سلع البطاقات ؟ لم نعد بمضاعفة الكميات إنما وعدنا بزيادتها ، لأن قواعد العرض والطلب تحدد الأمر ، لان شراء كل السلع الأساسية من السوق قد يؤدى إلى حدوث مشكلة للناس الذين ليست لديهم بطاقات ، وبالتالي تقوم هيئة السلع التموينية بشراء الكميات من السلع الأساسية بالتدريج وبشكل لا يؤثر على السوق . لماذا تسرعت الحكومة لحى إصدار قانون الضريبة العقارية الآن . . ألم يكن من الأنسب تأجيل هدا القانون الذى يضيف أعباء جديدة على أبناء الطبقة الوسطى الذين تأثروا بزيادة أسعار البنزين ، خاصة أن هذا القانون سيطبق بعد ثلاث سنوات كما أعلن وزير المالية ؟ ها أنت تجيب عن سؤ لك .. فالقانون لن يطبق الآن ولكن خطة الإصلاح المالى تتم على مدى سنوات طويلة .. بدأت بالضريبة على الدخل ثم الجمارك الآن والضريبة العقارية ثم ضريبة المبيعات مستقبلا، فهى منظومة متكاملة للاصلاح المالى والضريبى واذا اختلت هذه المنظومة قد تؤدى إلى اختلال موارد الدولة وقد يكون قانون الضريبة العقارية أثار جدلا واسعا لعدم شرح بنوده بشكل كاف . فالبعض يتصور أن هذه الضريبة مستحدثة لكن الحقيقة هى أنها تعديل لضريبة العقارية القائمة ، التى هى أعلى بكثير من نسبة الضريبة فى القانون الجديد. لكن القانون القديم للضريبة العقارية لم يكن بنقذ بالشكل الكامل ، فضلا عن أنه كان يتم على القيمة الايجارية وليس القيمة السوقية للمبانى ؟ كان ينفذ على شقق الإيجار القديم بنسبة 46% من القيمة الايجارية المحددة بالقانون ، والآن معظم الشقق لا تخضع للقانون الذي يحدد الإيجارات ، وإذا طبقنا عليها نسبة الـ 46% سنجد أن حجم الضريبة العقارية ضخم جدا وبالتالى كان يتعين تعديل هذه النسبأ (46%) وجعلها متوافقة مع الواقع ولذا وصلت إلى 0 ا% فى مجلس الشعب ، وهذا سبب التعجل فى إصدار القانون ، خاصة أن شقق الإيجار الجديد كان لا يتم تطبيق القانون عليها ، وهو أمر غير عادل . ومعظم شقق أبناء الطبقة الوسطى لن يتم تحصيل ضريبة عقارية عليها ، لأن حد الإعفاء مرتفع جدا ،أما أصحاب الفيللات والشاليهات ذات القيمة المرتفعة هم الذين ستحصل منهم ضريبة أكبر لكنها لن تتجاوز 3ألاف جنيه . لماذا لايتم إعفاء المسكن الأول من الضريبة العقارية مثلما يحدث فى دول أوربية عديدة ؟
لايوجد قانون ضريبة عقارية يعفى المسكن الأول ،وفكرة المسكن الأول وردت فر . ذهن البعض وفق . منظور اجتماعى، وأعتقد أن الوصول لحد إعفاء مناسب أفضل من إعفاء المسكن الاول ..لأن غير القادر لايدفع ، ولان المسكن الأول قد يكون قصرأ أو فيللا مثلا فكيف يتم إعفاؤه . هل تدفع المبانى الحكومية ضريبة عقارية ؟ . المبانى الحكومية معفاة ضريبيا . ومبانى المؤسسات الصحفية ؟ كل المبانى التى لها صفة النفع العام يتم إعفاؤها من الضريبة العقارية مثل المدارس والمستشفيات ومقار الأحزاب وغيرها .. د. نظيف .. كم ستدفع ضريبة عقارية ؟ ضحك ثم قال .. لم أحسبها بعد ، لكن أرجو أن يرفق بى د. يوسف بطرس غالى . مرتبات أساتذة الجامعات .. كادر الاطباء الاضرابات العمالية ..كيف تواجه الحكومة كل هذه المشكلات المتتالية .. لماذا لاتسعى لحلها ؟ تعودنا عى التعامل مع أى مشكلة يتم طرحها ، وأى حكومة عندها استعداد لمواجهة المشكلات تواجه دائمأ بمشكلات ، فأسهل شيء هو إبقاء الوضع على ما هو عليه ، لكننا حكومة تحرص على التطوير وفتحنا ملفات عديدة حساسة مثل الدعم ، وفيما يتعلق بالأجور فنحن لانتعامل بشكل فئوى مع المواطنين وننظر دائما للتطوير فضلأ عن أن كادر المعلمين جزء من تطوير المعملية التعليمية ، وكان يجب أن ننظر لتطوير المدرس وتأهيله وفى الوقت نفسه زيادة دخله بما يتناسب مع هذا التطوير. وبالمنطق نفسه المجتمع د يصبر علنا نتعامل مع الأطباء وأساتذة الجامعات ، فليس معنى أنك تعمل طبيبا تحصل على الزيادة فى الراتب ، يتعين أن يرتبط ذلك بتطوير الطبيب لقدراته والعمل لفترة كافية فى الوحدة الصحية التى يعمل بها، وكذا أستاذ الجامعة يزيد دخله إذا كان متفرغا لعمله لأنه سيقدم مستوى متقدما من الخدمة التعليمية . هل بمطق اقتحام المشكلاث تقدمت الحكومة بتعديل قانون المحاماة ؟ قانون تعديل المحاماة يتم النظر فيه من فترة ،وهناك حالة من النقاش حوله ، لكن ماكان يناسب الأوضاع منذ 50 عامأ يختلف بالقطع عما هو قائم الأن ، وبالتالى علينا أن نطور أنفسنا ونجتهد ونحصل على أكبر قدر ممكن من الآراء ونناقش مجتمعيا ثم نطرح الرأى المتوافق حوله فى القانون إلى البرلمان لمناقشته . لماذأ تشتبك الحكومة مع المحامين والأطباء واساتذة الجامعات فى توقيت واحد .. لماذا لاتقوم بذلك على مراحل ؟ لأن المجتمع لايصبر عينا، فكل فئة ترى أن دورها مقدم على الآخرين ، والحكومة مسئولة عن الجميع وكل وزارة تشبك مع المجتمع الذى تمثله فى حوار مستمر، وهذا الاشتباك لصالح المواطن فى إطار يحكمه الدستور والقوانين . بعد تمديد الطوارىء لمده عامين هل هذه الفترة كافية لاصدار قانون الارهاب ؟ عندما تقدمنا إلى مجلس الشعب نطلب مد قانون الطواريء من عام 2006 إلى عام2008 كنا نسعى لإصدار قانون الإرهاب خلال تلك الفترة ، لكن تبين أن المسالة ليست سهلة ، وعندما نتحدث عن تطبيق مد حالة الطوارىء فإن ذلك يتم فى أضيق الحدود وهى مكافحة الجريمة الإرهابية تحديدا ونحن مسئولون عن ذلك أمام الجميع ، فقانون الطوارى لم يستخدم فى غير ذلك وطلب منا فى وقت من :لأوقات وتحديدا اثناء أزمة العيش استخدام قانون الطوارىء لكن كان رد الرئيس مبارك قاطعأ برفض ذلك ، وطالب باللجوء فقط إلى الأساليب العادية . فاستخدام الطوارىء مقتصر على مكافحة الإرهاب ،وعندما نترجم ذلك لقانون لمحاربة الإرهاب فإنه سيتضمن زيادة سلطات الأجهزة الأمنية لمنع وقوع الجرائم الإرهابية .. هنا يثور السؤال هل يتعارض ذك مع حرية المواطن الشخصية ونحتاج لصياغات تضمن توازنا بين ضمان حرية المواطن الشخصية وسلطة أجهزة الأمن الحزمة لمنع وقوع الجرائم الإرهابية .. والدول الأخرى تعانى من المشكلة نفسها، لذلك تصدر قوانين للإرهاب وتعدلها باستمرار مثل فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة . وأرى أن المسالة ليست فى الوقت الذى يستغرقه صدور قانون محاربة الإرهاب بقدر ما هو الاتفاق على بنود هذا القانون خلال العامين القادمين دون التفريط فى الحريات الممنوحة لمواطنين وفى الوقت نفسا عدم غل أيدى الأجهزة الامنية لمنع وقوع الجرائم الإرهابية . هل تمت الاسثعانة بخبراء من الولايات المتحدة لإعداد قانون الارهاب ؟ لا، شكلنا لجنة وزارية برئاسة د. مفيد شهاب وبها ممثلون لكافة الجهات المعنية ، واستعانت اللجنة بنماذج قوانين الإرهاب التى تمت فى الخارج وزار بعض أعضاء اللجنة دولا أوربية لمعاينة نماذج القوانين المطبقة فى الاتحاد الأوربي، لكن لم نستعن بخبراء أجانب من أى نوع لإعداد القانون . ماذا ستفعل الحكومة للتخلص من ورطة مشروع « أجريوم » .. فالدمايطة يرفضون .. و الكنديون متمسكون به فى دمياط .. وحتى المناطق التى اقترح نقله اليها بدا اهلها يعلنون رفضهم له . ؟هناك لجنة بمجلس الشعب تقوم بتقصى الحقائق عن هذا المشروع ، وطلبت من هذه اللجنة توضيح ثلاثة أمور رئيسية للشعب
أولها هل هناك إجراءات مخالفة اتخذتها أى جهة حكومية أم لا ؟..
ثانيا هل المشروع متوافق بيئيا ، كما أعلنت وزارة البينة وماهى الضمانات لحماية البيئة والحفاظ على صحة المواطنين ؟
ثالثا هل هناك إمكانية لإقناع أهالى دمياط بتنفيذ المشروع ؟
وقد أخبرت رئيس شركة «أجريوم >> بأن عليهم مسئولية إقناع الدمايطة بجدوى إقامة هذا المشروع وعدم وجود مخاطر بينية من ورائه ، خاصة أن أهالى دمياط يتحدثون عن استثمار سياحي محل مشروع البتروكيماويات .. لكن ذلك كان يجب أن يعلن ~ قبل البدء فى المشروع ، واذا لم يقتني أهالي دمياط بذلك فالحل البديل هو نقل المشروع إلى مكان أخر وهو حل له تكلفته .. إذن من يتحمل تكلفة نقل المشروع ؟ هذا هو الأمر المطلوب ، أيضا من لجنة تقصى الحقائق توضيحه . ونحن فى انتظار تقرير الجنة واذا اتخذت قرارها بنقل المشروع أو الإبقاء عليه فيجب دراسة كافة الاعتبارات والبدائل .. ومن السابق لأوانه أن نصدر قرارا حاليا قبل قيام الجنة بالانتهاء من عملها . ألا يمثل الوقت عنصر .ضغط على الحكومة لاتخاذ قرار نهائى بخصوص المشروع . . لأن البنوك التى تساهم بالتمويل تمنح الشركة مهلة محددة من الوقت ؟ بالفعل الوقت عنصر ضغط على الشركة وأتمنى أن تنتهى لجنة تقصى الحقائق من عملها فى أسرع وقت ممكن ، وعلمت أنها ستنهى مهمتها قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية ، وأتمنى أن نصل لحل يرضى جميع الأطراف . ما تفسيرك لإثارة قضية أجريوم بهذا الشكل الذى أثار الدمايطة ضد المشروع . . وهل وراء ذلك بعض رجال الأعمال الذين يرغبون فى شراء أرض المشروع لاستثماره سياحيا ؟ أري أن معارضة أهالى دمياط للمشروع سببها أنه لمس وترا عاطفيا عندهم ، لأنهم يعتبرون «رأس البر» المصيف الرئيسي لهم ويرفضون إقامة المصيف فى رأس البر، رغم أنه يقع على بعد 5 كيلومترات من رأس البر، كما أن عدم توصيل الحقائق كاملة حول المشروع أوجد رفضا شعبيا من الدمايطة بشأنه ، لكنى أستبعد نظرية المؤامرة من جانب البعض لمشروع . إلى أين وصلت مفاوضات مراجعة أسعار تصدير الغاز لإسرائيل ؟ هذا الأمر مطروح للنقاش .. فالعلاقة التعاقدية بين الحكومة المصرية ممثلة فى هيئة البترول وبين الشركة الناقلة للفاز التى بررها متعاقدة مع إسرائيل على التصدير، ومن ثم فالتفاوض قائم بيننا وبين الشركة للتفاوض حول سعر الغاز لتقوم الشركة بالتفاوض مع إسرائيل حوله . لكن هناك اتفاقا لتصدير الغاز مع الحكومة الإسرائيلية . الاتفاق مع الشركة على ضخ الغاز فى هذا الخط إلى إسرائيل ، لكن (توجد علاقة مباشرة أو اتفاق بين الحكومة المصرية والحكومة الإسرائيلية على تصدير الغاز هل ضخ الغاز لن يتم الا بعد الاتفاق على تعديل الاسعار ؟ هناك التزام على الهيئة لضخ الغاز للشركة فى وقت معين وأتمنى أن يتم ذلك ويكون جز.أ من عملية التفاوض . هل يواجه البرنامج النووى المصرى عقبات إقليمية أو دولية ؟ إطلاقا .. مشروعنا النووي يواجه تشجيعأ ومساندة من الجهات الدولية المختلفة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو الدول التى تنشئ المحطات لأن كثيرين منها تتمنى المعاونة فى هذا الاتجاه ، ومنذ أن أعلن الرئيس مبارك عن المشروع النووي المصري تأتينا دائما استفسارات من هذه الدول عن المشروع المصرى وبعضها لنا اتفاقيات معها وأخرى وقعنا اتفاقات معها مثل وسيا .. وبالتالي فالبرنامج المصرى لا يواجه أى مشاكل ونخطط له بأسلوب علمى وحاليا نحن على وشك الانتهاء من اختيار الاستشاري الذى يضع الخطة الكاملة لمشروع . هل سيتولى هذا الاسثشارى تحديد موقع المشروع ؟ طبعأ.. ومن مسئولياته اختيار الشريك الأجنبى الذى ينفذ المشروع معنا ، والخطة واسعة ومرتبطة بمسألة الأمان النووى وصدور قانون خاص به . كان من المقرو صدور القانون فى الدورة البرلمانية الحالية . لماذا تأخر؟ القانون شبه جاهز وتراجعه حاليا المجموعة الوزارية التشريعية لكن المشكلة أن جدول أعمال البرلمان مزدحم للغاية حاليا وفى الوقت نفسه يوجد تعجل فى إصدار القوانين . إحدى الصحف الأمريكية نشرته أن الولايات المتحدة غير راضية عن الاتفاق النووى الذى تم بين مصر وروسيا ونخشى تطوير برنامجنا النووى إلى أبعد من بناء محطات لتوليد الكهرباء ؟ لم يصدر موقف رسمى من الجانب الأمريكى فى هذا الاتجاه وأتصور أن هذه الأمور مناوشات من جانب الشركات المنافسة لفوز بإنشاء المحطات النووية المصرية . هل توجد داخل الحكومة مراكز قوى ؟ أعتقد أن هذه الحكومة متناغمة جدأ وهناك تواصل بين أعضائها ، لكن يحلو للعض ترديد الشائعات أحيانا ، وقد يحدث اختلاف فى الآراء ء بين الوزراء لكن ما أشهد به أنه عندما نتفق كمجلس للوزرا ء على قرار معين يسير عليا الجميع ، حتى لو كان هناك رأى معارض . كيفا تنصرفا كرئيس للوزراء فى حالة نشوب خلافات فى الرؤى والمواقف بين الوزراء ؟ مبدئى دائمأ هو السماح لجميع بالتعبير عن رأيه والروح السائدة داخل مجلس الوزراء هى روح إيجابية ، وقد يتحفظ أحد الوزراء على فكرة معينة أو قرار لكن فى المجمل هناك توافق كبير بين أعضاء المجلس . ألم يحتج الأمر أحيانا اللجوء للرئيس مبارك لحسم بعض الخلافات الوزارية ؟ لم يحدث ذلك مطلقا . هل أنت مطمئن إلى منع تضارب المصالح بالنسبة للوزراء رجال الاعمال ؟ لم تصادفنى أى قضية حد: فيها هذا الخلط بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة من أى من الوزراء إلى الأن ، وهذا التصور من جانب البعض يعود فقط لأن الحكومة بها بعض الوزراء كانوا يعملون كرجال أعمال ، لكن لم تحدث وقائع أو أحداث تؤكد أن أحد الوزراء تعارض عمله مع المصلحة العامة . بماذا تشعر عندما تسمع أو تقرا احيانا عن تغيير الوزارة ؟ أعتقد أنها سنة موجودة فى مصر على مدار كل الوزارات ، فمثلا د. عاطف صدقى كان من أكثر رؤساء الوزراء الذين أطلقت حولهم هذه الشائعة على الرغم من أنه من أكثر المسئولين الذين أمضوا فترة طويلة فى منصبهم ،وأنا أبذل جهدى لتحقيق مهمتى كاملة ، وأرجو أن أكون عند حسن الظن بى، واذا لم أستطع أن أؤدي مهمتى فلا يوجد مايمنع أن أرحل . كيف تخطط لحياتك بعد ترك الوزارة ؟ أنا فى الأساس أستاذ جامعة وبالتالى ساكون مرتبطا بالجامعة ، وأعتقد أن عملى كرئيس للوزراء أتاح لى المساهمة فى خدمة البلد، وأتصور أننى عندما أترك الوزارة سأستمر فى العمل العام وخدمة الناس ومن الصعب على أن أعود إلى وضعى السابق بإدارة إحدى الشركات مثلما كنت قبل تولى الوزارة . ما أكثر المواقف صعوبة التى مررت مها أثناء ممارسة عملك فى رئاسة الحكومة ؟ خلال العمل اليومى دائمأ تواحهنا تحديات ، لكن أزمة غرق العبارة »السلام 99من الأمور الصعبة جدأ على نفسى والقاسية فى الوقت نفسا وعملنا على تجاوزها، وكذلك أزمة أنفلونزا الطيور.. والمشكلات ~~اليومية مثل الغلاء تضع علينا عبئا كبيرا لحل هذه الأزمة . ولدى إيمان مطلق بقدرات مصر بحلول ناجحة لتنفيذها بالفعل . هل تجد وقتا كافيا لتقضيه مع أسرتك ؟ أحاول وأعتقد أن الساعات القليلة التى اقضيها مع اسرتى مهمة جدا وانا لا افضل الحصول على إجازة لفترات طويلة واحصل على يوم واحد اجازة أسبوعية اقضيه مع الأسرة .
نقلا عن مجلة المصور
حوار وزير الخارجية
أحمد أبو الغيط وزير الخارجية : لن نمول ميليشيات عسكرية .. ولن نساند تنظيمات غير قانونية.. و لن نستنفز لمواجهة مع اسرائيل
نشرت (جريدة روزاليوسف) حوارا شاملا مع السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية :
من المؤكد أن هناك اسئلة متنوعة يجب طرحها علي وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.. في ضوء التفاعلات الإقليمية الاخيرة.. لا سيما بعد ما جري من تفاعلات في ازمة لبنان الداخلية.. وصولا إلي اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس ميشال سليمان. الاسئلة طرحتها المناقشات المفتوحة اعلاميا وسياسيا، داخل مصر، واحيانا كثيرة في وسائل اعلام خارجها، حول الدور المصري.. الذي تلاحقه حملة سياسية منظمة تقول انه تراجع ولم يعد مؤثرا.. والي الحد الذي يدفع البعض إلي مقارنة الدور المصري بادوار دول عربية اقل حجما.. او قوي اقليمية تتدخل بالفعل في مجريات الشئون العربية.
لقد طرحت هذه الاسئلة، سواء تلك التي ترددت خلال الفترة الاخيرة، أو تلك التي حملتها اجندتي الشخصية، علي الوزير.. في حوار جري صباح يوم الاربعاء الماضي في روما.. حيث كان الوزير ضمن الوفد الرسمي المرافق للرئيس مبارك خلال زيارتة لايطاليا.. ومشاركته في القمة العالمية للامن الغذائي.. ومن ثم جري استكمال هذا الحوار يوم السبت الماضي في مقر الخارجية المصرية بالقاهرة.. بعد أن عاد الوزير من روما.. وعقب زيارة قام بها إلي الجزائر يوم الجمعة الماضي.
ندخل إلي موضوع الغذاء والمؤتمر الذي كان منعقدا في روما.. ما مدي رضائك عن مجرياته؟
ـ المؤتمر لم يحسم أيا من القضايا المطروحة وربما لم يكن من المتوقع أنه سوف يستطيع أن ينجح في حسم أي مسألة رئيسية.. لأن المشاكل أكبر كثيرًا من أن يحسمها مؤتمر، علي مستوي منظمة الغذاء.. وفي هذه الفترة الضيقة من ظهور المشكلة.. لكن المؤتمر قد تكون فائدته الرئيسية والأساسية هي أولاً أنه سلط الأضواء بشكل غير مسبوق وبشكل رسمي علي عناصر المشاكل.. ثم أيضًا انه بدأ يطالب بإطلاق الحوار كما تحدث الرئيس مبارك.. الرئيس مبارك كان أول من تحدث من الرؤساء وكان أول من أطلق الحاجة لهذا الحوار.. تلاه عدد طيب من رؤساء الوفود ورؤساء الدول والحكومات.. وتحدثوا عن الحاجة للحوار.. وهذا معناه أن المسألة سوف تمتد لفترة شهور وصولاً إلي الجمعية العامة وما بعد الجمعية العامة.
تسليط الأضواء كان يتم بشكل مستمر خلال الأشهر الماضية وبالذات من خلال الصحافة العالمية؟
ـ تسليط الضوء من خلال الصحافة شيء.. وحديث الرسميين والحكومات وبدء تفعيل المسألة شيء آخر.. سكرتير عام الأمم المتحدة شكل هذه المجموعة «مجموعة العمل» التي أشار إليها الرئيس وينتظر تقريرها، الدول عندئذ ومع ظهور هذا التقرير وعرضه علي السكرتير العام وتوزيعه علي الدول ستبدأ عملية التعامل مع المشكلة. ومن يتابع أسعار الوقود وأسعار النفط والبنزين في الكثير من الدول يلاحظ أنها أصبحت تواجه تحديات مؤثرة حتي علي توازن هذه المجتمعات.
كيف؟
- واضحة جدا.. رأينا مظاهرات في بعض المدن الأوروبية اعتراضا علي أسعار البنزين.. ومؤخرا لاحظنا أن هناك شركة يابانية رئيسية أعلنت أنها سوف توقف صيد سمك التونة.. وهو أحد الأسماك الرئيسية في الطعام الياباني، لأنها غير قادرة علي تسيير أساطيلها للصيد، أسعار وقود السفن ارتفعت.. هناك مشكلة.. والمجتمع الدولي بدأ في تناولها.
هناك الآن موقفان أولهما.. أن الولايات المتحدة لم تعتن بهذا المؤتمر وأرسلت وزير الزراعة للحضور، النقطة الثانية: هي تناقضات المواقف بين الدول الكبري، بالذات المنتجة للوقود الحيوي.. كيف تري ذلك؟
ـ أري ذلك من منطلق أن الأغنياء يريدون الدفاع عن مصالحهم والولايات المتحدة هي القوة الاقتصادية الأكبر في العالم ذات الناتج القومي الأمريكي الأكبر.. اكثر من 14 تريليون دولار، الولايات المتحدة هي المنتج الرئيسي للقمح وللذرة وتستطيع أن تكون المنتج الرئيسي دائمًا للكثير من الحاصلات ولديها الكثير من إمكانيات زراعة أراضي الحبوب سواء قمح أو ذرة.. الولايات المتحدة لديها أبحاث هائلة في مجال توفير الحبوب واستخداماتها لـ«الأثينول».. الولايات المتحدة حولت الكثير من أراضيها من إنتاج القمح والذرة للغذاء لإنتاج الحبوب للحصول علي وقود الأثينول، وذلك طبعًا في ضوء ارتفاع أسعار الوقود، فالولايات المتحدة تعلم أنها أحد عناصر المشكلة وأن الضغط سوف يكون موجهًا إليها خصيصًا، وبالتالي تسعي لتهيئة أوضاعها قبل أن تدخل في هذا الموضوع لمناقشته، ويجب أن نعلم أننا أمام عام انتخابي أمريكي.. القرارات الأمريكية قرارات تحكمها الانتخابات.
سكب الألبان
طيب وأوروبا؟
- الجانب الأوروبي أيضًا لديه مشكلة الوفرة.. مشكلة الغني.. مشكلة التقدم الكثير من الوحدات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد ربما فرنسا وألمانيا لديهما سياسات إما حمائية للمنتجين الزراعيين.. يهمهم ألا تتأثر أوضاع المزارعين في هذه الدول.. او أنهم بدأوا الاعتماد علي الأثينول وتكنولوجيا انتاجه.. المشكلة ليست في خطأ إنتاج الأثينول.. نستطيع أن نتفق علي أن ينتج الأثينول ولكن ينتج من أي مواد؟ هل ينتج من مستخلصات أو مستخرجات الزراعة.. ام من مستخرجات المدن ـ أي المخلفات ـ أم ينتج من الحبوب؟ ولدينا مع الأوروبيين مشكلة أخري أنهم يتمسكون بحقهم في استخدام تكنولوجيا الأثينول.. من هنا أيضًا تأتي عملية المناورة من قبل هذه الدول للسيطرة والإمساك بأي قرارات تصدر عن «الفاو».
«الفاو» منظمة الفقراء.. ما الذي دفع الأغنياء للهجوم عليها بهذا الشكل؟
ـ لا.. لا، الفاو هي المنظمة الدولية التي أجمع المجتمع الدولي علي إنشائها منذ عام 1945 وهي إحدي الوكالات المتخصصة.. وهدفها هو تأمين الزراعة الجيدة للعالم وتأمين الإنتاج الزراعي والطعام للعالم.. الاهتمام الغربي بها دائمًا موجود ولكن سوف يزيد هذا الاهتمام في ظل الظاهرة والمشكلة الحالية.
بالأمس أيضًا رأينا الكثير من منتجي الألبان في ألمانيا يسكبون اللبن بكميات هائلة تعبيرًا عن احتجاجهم علي أسعار الطاقة.. لأن الطاقة أصبحت مكلفة للغاية في إنتاج الألبان وبالتالي في قدرة تحقيق كسب هناك مشكلة، وأبناء بلدنا الذين لم يرصدوا هذه المشكلة بهذا الحجم وانعكاساتها بالعالم الخارجي وارتباطها بالعالم الخارجي ظلموا أنفسهم وظلموا بلدهم، حقيقة الأمر أن الظاهرة منتشرة لدي الجميع.
دفاع حكومي
كما لو انك تحاول أن تدافع عن سياسة الحكومة الداخلية.. وانت وزير الخارجية. ـ نعم أنا أدافع عن الحكومة المصرية في معالجتها هذا الموضوع، وأقول أن مصر سوف تتحمل نفقات إضافية لتأمين وصول الغذاء إلي الشعب، إلينا جميعًا، بأسعار نستطيع في ضوء دخلنا أن نحصل عليها، من هنا هناك حاجة لإمكانيات وموارد لكي نستطيع أن نبقي علي الأسعار التي تباع بها السلع إلي أبناء الوطن.. وهذا يتطلب اقتصادًا قادرًا علي هذا التمويل.. وأحمد اللَّه أن الاقتصاد المصري قادر علي تحقيق هذه المتطلبات ومواجهة هذه التحديات وهذا أيضًا ما تحدث به الرئيس أكثر من مرة، إن هذه القفزة الاقتصادية القوية التي تتمتع بها مصر حاليا أدت إلي قدرة المجتمع المصري علي تأمين رغيف العيش بنفس السعر الذي كان عليه قبل الأزمة.
كيف تقيم المواقف أو الأنشطة المصرية في اتجاه أوروبا في ضوء زيارة الرئيس مبارك لإيطاليا؟
ـ أقول إن أوروبا ومصر حاليا تجمعهما علاقات متميزة للغاية تتسم بالدفء الشديد والتقدير العالي لإمكانيات مصر وتطورها الحالي.
عفوا للمقاطعة.. أي دفء هذا الذي تتحدث عنه يا سيادة الوزير إذا كان هناك قرار للبرلمان الأوروبي ينتقد الحكومة منذ عدة أشهر واللجنة السياسية بين مصر وأوروبا كانت معطلة وانعقدت بالكاد في بروكسل قبل ايام؟
ـ أنا لا أتحدث عن علاقة مصر بالاتحاد الأوروبي، علاقة مصر بالاتحاد الأوروبي موجودة وسوف تكون موجودة.. يتحدثون معنا ونتحدث معهم.. يتصورون أن الأمر قد يحتاج إلي نقد هنا أو هناك باتجاه مصر فنرد عليهم بنقد هنا وهناك موجه لهم.. لا نخشاهم.. ونحن قادرون علي التصدي لأي قضية يتحدثون فيها ولكن.. أقصد بحديث الدفء علاقات مصر بكل وحدات أوروبا.. وهي تبدأ من موسكو في الشرق إلي باريس ومدريد ولشبونة في الغرب.. أقصد القوي الأوروبية علي المسرح السياسي.
لا يخفي عنك أن مصر تجمعها علاقات قوية ودافئة مع موسكو.. ومع روما ومع باريس.. ومع برلين ومدريد.. ومع الدول الجديدة.. ومن يتابع جولات وزير الخارجية المصري أو كبار مساعديه أو نوابه يجد أن هناك تغطية كثيفة للمسرح الأوروبي الشرقي، بمعني أن كبار مساعدي وزير الخارجية في خلال الثلاثة أشهر الأخيرة قاموا بزيارات ذات قيمة إلي كل من دول القوقاز وبزيارات للدول الاسكندنافية في الشمال.. ثم تحركنا في اتجاه البلقان دول مثل سلوفينيا وكرواتيا والصرب والجبل الأسود وبلغاريا ورومانيا.. أي أن مصر تغطي المسرح الأوروبي كله تقريبا. من هنا أقول بوجود هذه العلاقة الدافئة.
إن من استمع لمجموع الاقتصاديين ورجال الأعمال الإيطاليين حين اجتمعوا بالرئيس مبارك قبل ايام في روما يكتشف حجم هذه العلاقة وقوتها.. ولا يخفي عنك أن هذا الأمر تكرر مع الفرنسيين في باريس.. وتكرر في القاهرة عندما جاء الإيطاليون.. وتكرر عندما جاء ملك إسبانيا وحضر ومعه 50 من رجال الصناعة والاقتصاد الإسبان.. ومع الأتراك وتكرر أيضًا مع الروس ومع اليونانيين.. الرحمة بأنفسنا.. هناك بيننا من قد لا يعي حجم النجاح الاقتصادي المصري والحركة التي تقودها مصر لإعادة بناء مجتمعها.
مخاوف إسرائيلية
تعليقًا علي ما قالته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية قبل ايام.. هل صحيح أن الخارجية المصرية شنت حملة دعت فيها الدول الأوروبية إلي أنه لا ينبغي عليها أن تكافئ إسرائيل.. وكيف يمكن أن يكون هذا الخبر قد تسرب لو كان صحيحًا؟
ـ شوف.. حقيقة الأمر أن إسرائيل لديها اتفاق للمشاركة مع الاتحاد الأوروبي.. ومصر لديها اتفاق مشاركة مع الاتحاد الأوروبي ونحن جميعًا إسرائيل ومصر وسوريا ولبنان وغيرها من الدول أعضاء في عملية برشلونة.. عندما نتحدث مع الأوروبيين ويتحدثون معنا في إطار اجتماعات المتوسط يقولون فلتتحدثوا معنا عن الشرق الأوسط وعملية السلام.. فنتحدث عن الشرق الأوسط وعملية السلام.. فيقولون ونحن من جانبنا سوف نسعي للتأثير علي إسرائيل وتشجيعها لاتخاذ ما يجب من المواقف وبما يخدم التسوية، وسألنا أصدقاءنا الأوروبيين عن رأينا في تعزيز وتطوير العلاقة مع إسرائيل، قلنا لهم سوف تأخذ منكم إسرائيل هذا التطوير وسوف تبقي علي سياساتها مثلما هي علي سياستها.. من هنا ننصحكم بأن تربطوا التقدم في عملية السلام وتطوير المواقف الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بتطوير مواقفكم ونواياكم تجاه إسرائيل.. عندما نقول هذا يقرؤه الإسرائيليون بأنه أضرار من مصر.. هذا رأي مصري مستقر وسوف نبقي عليه.. عندما تتحرك إسرائيل باتجاه الفلسطينيين فلا مانع علي الإطلاق بأن تقوم دول الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد في مجمله بتطوير علاقاته مع إسرائيل، أخذًا في الاعتبار أن الاتحاد الاوروبي يعرض أيضًا علي دول عربية أخري فكرة التطوير والمؤكد أن التطوير سوف يأتي.. ولكن هذا التطوير عندما يأتي يجب أن يأتي قائمًا علي أساس واضح.
هل شنت الدبلوماسية المصرية هجومًا علي إسرائيل في الساحة الأوروبية؟
ـ تحدثنا وعبرنا بالمواقف عن سياستنا.. وإذا كانوا في إسرائيل يفسرونه علي أنه هجوم مصري فليكن.. نحن قلنا رأينا بصراحة.. وسوف نبقي علي هذا القدر من الصراحة في تعاملاتنا.
هل نشهد تنافسًا في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية مع الدول الأوروبية في الساحة الأوروبية مقارنة بتنافس سابق كان موجودًا في ساحة الولايات المتحدة الأمريكية؟
ـ شوف.. هناك وضع غير مريح حاليا في كيفية تناول العالم الغربي القضية الفلسطينية، والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، والعربي الإسرائيلي، في السابق كان العالم الغربي منقسمًا إلي ثلاثة اتجاهات، اتجاه يؤيد إسرائيل بالكامل ولا يأخذ في حسابه المصالح العربية وهذا الاتجاه كان موجودًا لدي الولايات المتحدة.. ثم اتجاهان متنازعان ومتصارعان في أوروبا، اتجاه من دول أوروبية صغيرة تسعي لربط الاتحاد الأوروبي بالمصالح الإسرائيلية لا يأخذون إلا مصالح إسرائيل في الحسبان، وهذا المجموع الصغير من الدول معروف أسباب توجهاتها وسياساتها.. إما لان لديهم الإحساس بأنهم ظلموا يهودًا من أبناء شعبهم في أثناء الحرب العالمية الثانية أو أنهم يرغبون في تأكيد انتمائهم للعالم الغربي من خلال تأييد القضايا الإسرائيلية.. وهناك من الوحدات الأوروبية الكبيرة داخل الاتحاد وداخل أوروبا التي كانت تتبني مواقف موضوعية ومواقف عادلة بين الإسرائيليين وبين الفلسطينيين..
المؤسف والمحزن.. أن ما نرصده حاليا أن الاتحاد الأوروبي بصفة عامة والدول الأوروبية ـ حتي الكبيرة منها ـ بدأت تقترب كثيرًا من تبني أو تأييد أو السكوت عن مواقف إسرائيل.
هل تعتبر هذا فشلا للدبلوماسيات العربية؟
- لعله فشل للدبلوماسيات.. ولكنه أيضًا لعله فشل لقدرة العرب والمسلمين علي إدارة هذه الملفات بنجاح.. ليس ببعيد العناصر التالية التي أثرت في الاتجاه الذي أتحدث عنه.. مسألة الحرب ضد الإرهاب، اقتراب العالم العربي والإسلامي من النزاع الأيديولوجي مع العالم الغربي، جريمة تنظيم القاعدة وبن لادن في استئثاره العالم الغربي، والانقسام الفلسطيني والذي دفع بالكثير من الأطراف أن تري أن الفلسطينيين يقتلون أنفسهم والفلسطينيين يضربون أنفسهم بالنيران وبالتالي بدأت الناس تنفض عنهم.. أيضًا التحولات التي تدور في الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية في العالم الغربي عندما بزغ وأصبحت القوة الرئيسية الوحيدة علي المسرح الدولي هي الولايات المتحدة.. ذات التأثير الاقتصادي والعسكري الهائل وانزواء قوة أخري.. لم تعد هناك إلا أطراف دولية قليلة تدافع عن القضايا العادلة للعرب ووجدنا في ذلك السياق الهند والصين وروسيا إلي حد كبير.. أصبحنا نجد صعوبة في تمرير الكثير من القرارات التي كنا نستطيع أن نمررها بشكل أفضل في مراحل سابقة.
سلاح الطاقة
أين إذن العلاقات المصرية ـ الأوروبية الدافئة من موسكو شرقًا إلي باريس غربًا.. هل هي مؤثرة علي المستوي الثنائي فقط؟
ـ مؤثرة علي المستوي الثنائي.. وايضا إلي حد كبير تساعد علي تشكيل مواقف هذه القوي الرئيسية ولذلك عندما تحدثت عن التوجهات الثلاثة قلت الوحدات الرئيسية علي المسرح الأوروبي، لأننا عندما نتحدث عن فرنسا أو إيطاليا أو إسبانيا أو روسيا فهذه هي الوحدات الكبيرة.
أنا مضطر قبل أن نكمل في الشئون العربية أن أمضي مع سيادتك في هذا الموضوع.. بيرلسكوني أثناء حملته الانتخابية في الفترة الأخيرة كان يبدي مواقف متعاطفة بوضوح مع إسرائيل.. ساركوزي فعل نفس الشيء ولديه انتماءات معلنة.. ميركل ذهبت إلي الكنيست وقالت كلامًا لا يقولة الإسرائيليون داخل الكنيست إلي درجة أزعجت مصر فيما أعلم.. وهناك مواقف بريطانية معروفة.. كيف تنظر إلي هذه الأمور؟ هل تشعر بالقلق؟
ـ لا أستشعر القلق لأن العرب لديهم أيضًا قدرتهم.. وهذه القوي الأوروبية لا يفوتها أن هناك الكثير من المصالح الرئيسية التي تجمعها بأطراف عربية ذات تأثير.. منطقة الخليج اليوم تقبض علي عنق الطاقة في العالم.. بالتالي كل هذه الأطراف عليها أن تسعي للعمل مع العرب.. مشكلة العرب عدم قدرتهم حتي هذه اللحظة علي أن يعملوا في اتجاه يحكم توجهاتهم سويا.. الجامعة العربية لديها جهد جيد ونشط وآمل أن يحقق الهدف منه الدول العربية فيما بينها.. وفي القمة العربية نسعي إلي انجاح هذا الموقف ولكن..
لكن كيف للدبلوماسية العربية أو للإرادات العربية المتنوعة ألا تستخدم ما لديها من سلاح الطاقة في هذا التوقيت اللافت.. كنا نتوقع من الدول العربية أن تتفاعل مع هذا الأمر بطريقة مختلفة؟
ـ لأن هناك صعوبة في تكرار ما حدث في عام 1973 .. كان هناك صدام عسكري استخدمت فيه دول الطاقة وبالذات المملكة العربية السعودية قدراتها في إنتاج البترول للتأثير علي الكثير من قرارات الدول.. اليوم الوضع مختلف هذه ليست معركة عسكرية.. انما هي سجال وتنافس واقتصاد ونمو وعمل، في 1973كانت معارك دبابات اليوم معارك مفاوضات.. الفلسطينيون يتفاوضون مع إسرائيل، سوريا تتفاوض مع إسرائيل.. لا يجب علينا أن يفوتنا أن سوريا تتفاوض مع إسرائيل.. وبالتالي لماذا (من وجهة نظر منتجي الطاقة في الخليج) لماذا نعقد العلاقات مع العالم الغربي إذا كانت إحدي شريكاتنا الرئيسيات تتفاوض مع إسرائيل.
أفهم من ذلك أن هذا الموضوع قد حظي بالنقاش؟
ـ هناك الكثير من الأطراف العربية التي ناقشت هذه المسائل.. كيف نستخدم الأدوات العربية وأرد عليك بالقول لا يجب أن نفكر في استخدام البترول ولكن يجب أن نفكر بحنكة شديدة وبعلم وبمعرفة وبمقدرة في استغلال ذواتنا وأرصدتنا أو إمكانياتنا واحتياطنا والصناديق السيادية في التأثير، العرب لديهم اليوم من الصناديق السيادية والإمكانيات المالية ما يستطيعون أن يمتلكوا بها الكثير من بورصات العالم.. نحن لا نسعي إلي الامتلاك من أجل التأثير ولكننا نسعي فقط إلي اقناع الآخرين بأن يساعدونا في تسوية هذا النزاع التاريخي الذي امتد علي مدي مائة عام.. علي مدي مائة عام كان الغرب فيها متفوقا.. وبالتالي نجد الغرب يقوم بتوجيه سياساته باتجاه الشرق الإسلامي والشرق العربي بما يحقق مصالحه.
سوريا وإسرائيل
كيف تري المفاوضات السورية - الإسرائيلية؟
ـ ليس لدينا الكثير من المعلومات عنها، ولكن نأمل أن ينجحوا في تحقيق الانفراجة.. وسوف نرصد هذه الانفراجة عندما تتحول هذه المفاوضات من مفاوضات غير مباشرة إلي مفاوضات مباشرة وسوف نتوقع نتائج عندما يرتفع مستوي المتفاوضين.. وحتي هذه اللحظة هم متفاوضون من الصف الثاني وبشكل غير مباشر.. هذا يعني أنهم مازالوا في مرحلة استكشاف للمواقف فيما بينهم.. سوف يبدأ الحديث الجاد عندما يجلسون سويا وعلي مستوي التمثيل المناسب.
سأطرح علي سيادتك أسئلة الرأي العام في هذا الخصوص.. اذ يتصور الرأي العام المصري أن علي مصر أن تكون لديها كل المعلومات عن كل القضايا في كل التوقيتات وعن كل الاتصالات بين كل الدول.. ومن ثم اسأل هل فوجئنا بالاتصالات الإسرائيلية - السورية؟
ـ كان لدينا منذ فترة طويلة معلومات عن أحاديث وعن اتصالات.. والمسألة ليست خافية عن الإعلام الدولي.. وكانت موجودة ومتناثرة.. والكثير من المصادر تحدثت بها من شهور ممتدة عن اتصالات بين إسرائيل وبين سوريا ووسطاء ومواطنين سوريين ومواطنين أمريكيين ومواطنين أمريكيين سوريين.. مثل هذه المسائل لا تقفز إلي السطح فجأة.. هذه المسائل تكون مرصودة ومن يعلم ويتعرف علي العمل الدبلوماسي والعمل السياسي يجب الا يفاجأ بمثل هذه الاحتمالات لاننا عندما نتحرك ونعمل.. نعمل دائما من منطلق أن كل شيء وارد.. كل شيء وارد، لانه في السياسة كل الاحتمالات قائمة ومتاحة.
هل انزعجنا من أن الاتراك هم الذين كانوا وسطاء بين الإسرائيليين والسوريين؟ ـ لماذا؟! ..
لم ننزعج علي الإطلاق لانه لا إسرائيل كانت ستأتي لمصر وتقول لها توسطي مع سوريا، ولا اعتقد أن سوريا كانت ستأتي لمصر لكي تطلب الوساطة مع إسرائيل.
وهل عرضنا الوساطة؟
ـ ولما نعرض؟.. المسألة اننا إذا عرضنا فسوف يقولون انتم تريدون منا أن نتفاوض مع إسرائيل.. يا أخي ده انتم اخواتنا.. عموما نثق أن تركيا بحركتها وبجوارها العربي وبإسلامها سوف تساعد الطرفين علي الوصول إلي مرحلة تنطلق فيها فعلا المفاوضات، المفاوضات لم تنطلق بعد هذا استكشاف ابتدائي لمواقف الأطراف.. لا يفوتنا أن تركيا كانت جزءًا من المعادلة حتي عام 1918 .
المح في كلام سيادتك انك تشجع هذا التوجه التركي؟
ـ إذا ما نجحت تركيا في الوصول بإسرائيل وسوريا إلي مفاوضات تعيد لسوريا الجولان وتحقق تسوية فإن هذا لا يزعجني علي الإطلاق.
غريبة.. لكن البعض يري انه قد ينزعج المصريون من عودة الجولان وما يتبعها من علاقات سورية - إسرائيلية؟
ـ من يقول ذلك لا يفهم منطلقات السياسة الخارجية المصرية.. دعنا نأمل في شرق أوسط حقيقي جديد.
اي شرق اوسط جديد؟
- سوف اكمل لك.. اتحدث بمفهوم شرق أوسطي وبمفهوم عربي وبمفهوم مصري.. شرق أوسط يقوم علي استعادة الحقوق الفلسطينية و بزوغ دولة فلسطين كشريك فاعل علي مسرح الإقليم.. علاقات سلام بين الجميع.. علاقات تعاون بين الجميع.. اي منظومة كاملة، و بحيث يبتعد الشرق الأوسط عن هذه النزاعات التي أخذت من طاقته الكثير.
مالمطلوب من اجل هذا ؟
- لكي يقوم هذا.. يجب أولا أن تتوقف إسرائيل عن الاساءة للفلسطينيين ومحاولة سلب أراضيهم وفرض تسوية عليهم، ثانيا أن تكون هذه التسوية الفلسطينية عادلة تحقق للشعب الفلسطيني آملا في بلده.. وأن تكون هناك علاقات سلام بين كل وحدات هذا الإقليم.. وأن تستعيد سوريا الجولان وأن يستعيد لبنان أرضه، أن تتخلي إسرائيل عن السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل وأن تقبل في الدخول في اتفاقية منع الانتشار.. إذا ما تحقق هذا فسوف تكون إسرائيل عضوًا عاديا في الشرق الأوسط الجديد من وجهة نظرنا.. أما الشرق الأوسط الجديد من وجهة النظر الغربية والتي تحدثوا بها علي مدي ثلاث سنوات فهذا لا يرضيني.
منع الانتشار
يقول بعض المحللين إن المصريين دائما يتحدثون عن موضوع منع الانتشار وعن الأسلحة النووية حينما تلوح في الأفق بعض الاتفاقيات والترتيبات التي لا ترضيهم بقصد العرقلة.. هل ورقة منع الانتشار تستخدم من الدبلوماسية المصرية لهذا السبب من وقت لآخر؟
ـ لا.. هذه قراءة خاطئة بالكامل.. فنحن من المؤمنين فعلا باخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي وألا يسمح لأي من وحدات هذا الإقليم من الخليج.. ومن الحدود الباكستانية الإيرانية وصولاً إلي طنجة.. وقد تقول ولماذا هذا الاهتمام؟.. لانه ببساطة اسلحة الدمار الشامل والاسلحة النووية من تسميتها تهدد بدمار شامل أي تقضي علي الإنسانية فلا يجب السماح بها، وهناك البعد الآخر وهو أن التجربة علمتنا أن السلاح النووي لا يستخدم في الحرب لكنه يستخدم فقط للردع المعنوي فلماذا نسمح لانفسنا أن ننزلق لمثل هذا الانفاق بالمليارات.
ألا تواجه الحكومة ضغوطا من الرأي العام المصري واسئلة تقول لماذا لا نملك السلاح النووي؟
ـ المسألة هي أنك لديك موارد.. هذه الموارد لا يجب أن ننزلق في انفاقها فيما هو غير مفيد وأن تستخدم لمجرد الفخار المعنوي.. أخذا في الاعتبار اننا جميعا أعضاء في اتفاقية مسماة باتفاقية منع الانتشار النووي وهذه الاتفاقية دخلناها بكامل ارادتنا ووقعنا عليها وصدقنا عليها ما بين عام 1970 وعام 1981 .
عفوا سيادة الوزير بعيدا عن الاتفاقيات.. الآخرون لديهم موارد أكبر وأصبحوا يملكون السلاح هل تعتقد حقًا أن السلاح النووي حين يكون موجودًا لايكون مفيدا؟
ـ لا قيمة له.. وحقيقة ما أقوله جاءت ووضحت عندما قامت القوات المسلحة المصرية بتدمير خط بارليف وكان يتردد عندئذ أن إسرائيل عندها امكانيات نووية وليس ذلك فقط من راجع نصوص اجتماعات المجلس العسكري الإسرائيلي يوم 9 أكتوبر سنة 1973 عندما عرض موشي ديان وهو فاقد السيطرة علي نفسه علي رئيسة الوزراء مائير بسحب الجيش الإسرائيلي إلي عمق سيناء تحت الضغط العسكري للجيش المصري.. لم يذكر ولو للحظة استخدام ما كان يتردد عندئذ من امكانيات إسرائيلية.. أي أن هذا السلاح لمجرد الترهيب.
إذا كان بلا فائدة لماذا تطالبون إسرائيل بالتخلي عن أسلحتها النووية ثم لماذا يقال إن مصر تخشي من حصول إيران علي قنبلة نووية؟
ـ لأن خشيتنا أن نعود مرة أخري إلي سباق للتسلح وإلي حشد الموارد في الاتجاه الخطأ.. نقول في مصر إنه إذا ما بزغ سلاح نووي إيراني وإذا ما تأكد السلاح النووي الإسرائيلي ،لان إسرائيل حتي هذه اللحظة تخفي حقيقة امتلاكها لهذا السلاح هم يخفون لكننا نحن وبقية العالم نقول إن لديكم هذا السلاح، وهناك من المؤشرات شبه المؤكدة أن هذا السلاح موجود لديهم ،ونقول من وجهة نظرنا انه إذا ما ظهرت واحدة ثم ثانية فانه من المؤكد أن الأمر لن يقتصر علي هاتين الوحدتين ولكنه سيمتد إلي ثالثة ورابعة.. عندئذ نجد أن هناك سباقًا للتسلح النووي بكل توابعه.. وتقول لي وما توابع هذا السلاح النووي فأقول غير المتخصصين الذين لا يعلمون معني ما أقوله.. السلاح النووي عندما ينتج بمبالغ وتكلفة هائلة يتطلب وسائل للعمل.. أي صواريخ بمبالغ وتكلفة هائلة.. ثم يتطلب عمليات عسكرية للتخزين.. ثم يتطلب عمليات عسكرية للاخفاء والتمويه لوضعه في مستودعات تحت الأرض لاعماق بعيدة بتكليفات هائلة.. ونكتشف بعد كل ذلك اننا انفقنا علي كل هذه المنطقة هذا القدر من الموارد ثم وضعوا كل شيء في المخزن واغلقوه.. أي لا قيمة له..
وبالتالي؟
- دعنا نسعي لتوفير المدرسة الجيدة والكمبيوتر الجيد في المدرسة والمستشفي الجيد.. وأن يتوافر، دعنا نوفر للمواطن المصري وسيلة الانتقال المناسبة.. دعنا نوفر الطرق المناسبة، نبني الموانئ القادرة علي استيعاب الصادرات المصرية المتعاظمة.. نحن في مصر سوف نقترب الآن من بعض الأوضاع الجديدة ولابد ان تكون لدينا هذه الموانئ القادرة علي نقل التجارة المصرية بنجاح.. نحن نحتاج إلي طرق سكك حديد وطرق برية تستطيع أن تتحمل هذا القدر من الحركة المصرية الدءوبة للارتباط بالعالم في شكل التجارة المصرية الخارجية النامية.. في شكل السياحة الدولية القادمة إلي مصر، مصر يأتيها اليوم أحد عشر مليون سائح ونصف المليون سائح، مصر في عام 2016 سوف يأتيها ستة عشر مليون سائح.. هؤلاء السياح لا يحتاجون فقط لفنادق.. هؤلاء السياح يحتاجون إلي طرق للحركة.. دعنا نضع ونوظف مواردنا في الاتجاه السليم.
لبنان
فيما يخص موضوع لبنان.. السؤال الأكبر والأهم الذي كان مطروحًا علي الرأي العام في خلال الشهر الماضي هو أن الدبلوماسية المصرية لم تكن موجودة علي الساحة وانها هزمت من الدبلوماسية القطرية (العظيمة) وأشياء من هذا القبيل.. ولم نسمع تعليقًا من الوزير علي كل ذلك
ـ التعليق قرأناه.. وقرأناه علي صفحات بعض الصحف الجيدة.. وفي مقدمتها ولا شك «روزاليوسف».. انا قرأت لك بعض الكتابات وقرأت للاخوة في الأهرام والأخبار والجمهورية كتابات تعكس هذا الفهم، ولكن دعني أقول لك الآتي: إنه دارت معارك علي الأرض وكشف حزب الله عن موقف أدي إلي الكثير من الانتقادات للحزب في لبنان وفي الاطار العربي.. الدبلوماسية المصرية لا اعلم كيف تتهم بأنها لا تتحرك.. أعمال العنف في بيروت تمت مساء الأربعاء وتم علي مدي يوم الخميس، في صباح يوم الجمعة طلبت مصر عقد مجلس وزراء الجامعة ورفضت دول عربية انعقاد المجلس.
حدد اسماء الدول يا سيادة الوزير؟
ـ انت سمها.
طيب أنا أقول لحضرتك إننا لدينا معلومات بأن سوريا وقطر رفضتا عقد المجلس؟
ـ التصريحات السورية كانت واضحة.. قالوا في دمشق إننا لا نرغب في عقد مجلس وزراء الخارجية العرب.. وقالوا هذا أمر لبناني داخلي.. وقطر كانت متحفظة، ولكن الحقيقة تقول إنه قد عقد المجلس بخطاب صادر من وزير الخارجية المصري للأمين العام للجامعة العربية.. وانعقد المجلس يوم الاحد أي بعد 48 ساعة من الطلب المصري.. وكان يمكن انعقاده يوم السبت لولا بعض التعقيدات الإدارية وصدر القرار.. القرار تمت صياغته في مصر.. وتم اعداده في مصر.. وتمت مناقشته في الجامعة العربية وطرحه من قبل مصر والسعودية والكويت والامارات والبحرين والمغرب وحدث نقاش طويل.
لم تكن هناك قطر؟
ـ لا.. وهذا القرار كان يسعي لتجريم استخدام السلاح، ألا يستخدم السلاح لتحقيق اهداف سياسية.. ثم قلنا علينا أن نستفيد من الوضع المتفجر لعلنا نستطيع أن نحقق انفراجة ونوقف هذا الانهيار علي الأرض اللبنانية.. هذا كان هدفًا مصريا واعتقد أن الكثيرين سمعوا مصر تقول علينا أن نوقف هذا القتال وأن نوقف هذا التدهور.. أن نبدأ بانتخاب الرئيس.. أن نتحرك باتجاه تنفيذ المبادرة العربية.. أن نحقق الاستقرار في لبنان، هذه كلها تحركات مصرية قيل في وقتها لي شخصيا من قبل بعض معاوني لماذا لا ننضم كمصر إلي هذه اللجنة المشكلة عربيا والتي جاءت بناء علي اقتراح مصري؟.. واقول تحدثت امام المؤتمر الوزاري قائلا: علينا أن نشكل لجنة تسعي للحركة السريعة الدءوبة للامساك بالموقف واعادة الامور إلي نصابها.. فقيل لي في هذا السياق ولماذا لا ننضم إلي هذه اللجنة؟ فكان رأيي أن انضمام مصر سوف يفتح الطريق لانضمام السعودية وانضمام سوريا وبالتالي ننقل الوضع غير المريح بين الوحدات العربية الرئيسية التي لها رؤية محددة في المسألة اللبنانية إلي اللجنة وإذا نقل هذا الوضع إلي داخل اللجنة ضعفت قدرة هذه اللجنة في التأثير علي الوضع.. لماذا اخترنا الشيخ حمد بن جاسم.. وهذا ايضا جاء باقتراح مصري...
عفوا للمقاطعة.. يعني أيه بطرح مصري.. مصر قامت وقالت حمد بن جاسم؟
ـ قلنا إن هذه اللجنة نقترح تشكيلها برئاسة قطر وبعضوية هذه المجموعة التي كانت فيها، مصر هي التي أعلنت في المجلس انها تقترح أن يكون تشكيل اللجنة هكذا.
ولماذا اختارت مصر قطر؟
ـ اخترنا قطر لاننا من متابعتنا لسياستها وجدنا لديها القدرة نتيجة لعلاقة معقولة هادئة مع سوريا ومع إيران أن تتحدث للطرفين اللذين لهما هذا القدر من التأثير علي أطراف المعارضة اللبنانية.. بمعني أن سوريا لها تأثير لان لها اصدقاءها وكلنا لدينا اصدقاؤنا، ثم ايران التي لها تأثيراتها علي حزب الله وبالتالي كان المطلوب طرفًا عربيا لديه القدرة علي التحدث مع مصر ومع السعودية ومع سوريا ومع إيران.
معني ذلك.. أن ما ذهبت إليه بعض التحليلات من أن مصر فقدت صفة الوسيط هو كلام سليم؟
ـ إذا كان معني الوسيط أن تكون بلا موقف إزاء ما يحدث فهو سليم.. هل كان المطلوب أن نصمت عما يحدث في لبنان علي مدي العامين الاخيرين، هل كان المطلوب أن تخضع مصر للسياسات الإيرانية في لبنان لكي يرضي عنها البعض أو يرضي بعض المصريين عن مواقفها، ما نشهده في لبنان حاليا يمثل اتجاها خطرا لتقسيم هذا البلد ومن بعده تكريس تقسيم العالم الإسلامي.. وتحقيق مكاسب لطرف إسلامي أعني به إيران التي تمسك بالكثير من الكروت.. وهذه ليست المرة الجديدة التي اتحدث بها في هذا الموضوع.. هذه الكروت السياسية التي تمسك بها إيران لا تمسك بها رغبة في الدفاع عن مصالح عربية ولكنها تمسك بها رغبة في الدفاع عن مصالح إيرانية.. قد يكون هذا حق إيران أن تسعي.. ولكن حق مصر أن تدافع عن الأرض العربية باعتبار أن هذا هو المجال الحيوي للعرب.
ما الأوراق التي تمسك بها إيران في المنطقة العربية؟
ـ هناك التأثير الإيراني الكاسح الحالي علي المسرح العراقي.. وهذا ليس بالأمر الخافي.. والتأثير الإيراني علي حماس وهذا ليس بالأمر الخافي.. التأثير الإيراني علي حزب الله وهذا ليس بالأمر الخافي.
هل هذا بسبب المال وموفورات أسعار الطاقة.. هل هذا بسبب الطموح الإيراني المتنوع؟
ـ هناك الكثير من المظاهر.. يعني الثورة الإيرانية حاليا وبعد ما يقرب من ثلاثين عاماً علي امكانياتها وبامكانيات الطاقة البترولية تجد أن إيران في فورة وتتصور أنها قادرة علي التأثير علي الإقليم.. ولعلهم قادرون علي التأثير علي الإقليم.. ولكننا دائما ما نقول لإخواننا في إيران فليكن التأثير علي الإقليم تأثيراً إيجابياً، الملف النووي الإيراني يؤدي إلي احتدام علاقاتكم بالعالم الغربي نأمل منكم أن تتوصلوا إلي توافق مع العالم الغربي يؤدي إلي اقناعهم بأن برنامجكم هو برنامج سلمي للطاقة النووية..
وهل تصدق إنه برنامج سلمي ؟
- نحن لا نقول رأي في البرنامج النووي الإيراني.. ولكننا نأخذ الأمور علي مصداقيتها بمعني عندما تقول إيران انه ليس لديها نوايا لبرنامج نووي عسكري.. نحن نصدق هذا لأنه لا يوجد من المؤشرات ما يخالف هذا.. إلا أن المشكلة الحقيقية التي تواجهنا هي أن العالم الغربي يتربص بإيران.. عندما يتربصون بإيران فأنها تتحرك باتجاه جمع الكروت.. وهذه الكروت للأسف لا توجد في المحيط الهندي ولا توجد في شرق آسيا.. هذه الكروت دائما في غرب آسيا أي علي الأرض العربية.
التحركات الإيرانية هل تعطل المصالح العربية؟
ـ لها تأثير سلبي في القضية الفلسطينية بالتأكيد.
وفي لبنان؟
ـ بالطبع إلي حد كبير.. وإن كان بالنسبة للبنان هناك وضع يجب أن نتفهمه وهو أن هناك 40في المائة من الشعب اللبناني اليوم من المجتمع الشيعي.. أي أن هناك مصالح شيعية إسلامية مستقرة داخل لبنان، المعادلة اللبنانية يصعب أن نقول فيها رأياً سريعاً أو مشروعاً نلخصه في سطر هنا أو هناك، ولكن لا تنسي انه من المؤكد أيضا أن إيران لها نوايا ولها رغبة في التأثير علي النظام الجديد البازغ في العراق.
والنظام الجديد الذين يسعون إليه في لبنان؟
ـ بالتأكيد.. بالتأكيد.. أرجو ألا يفوتك ما كنت تحدثت به عندما قلت إنه عندما تتنافس إيران مع العالم الغربي دائما تسعي للامتداد في اتجاه غرب آسيا، إذا سعوا للامتداد في المحيط الهندي أو شرق آسيا فهذا أمرهم ولكن السعي في اتجاه غرب آسيا هو الشرق العربي والبحر الأبيض المتوسط.
أنت تتحدث عن أن الغرب يحاول إظهار أن هناك معركة بين السنة أو الشيعة، ولكن، هناك توسعات شيعية واضحة في الساحة.. ويتكلم عنها علماء السنة ويرددها أهل السنة بشكل متكرر وكبير
ـ يجب أن يحذر المسلمون من الوقوع في شرك وفي حفرة عميقة تدبر لهم، إذا ما سقط الإسلام في نزاع إسلامي وحرب إسلامية داخلية فهذا سوف يمثل نجاح هذه الدوائر في الغرب التي تسعي لإضعاف الإسلام والحاق الهزيمة به.
لماذا ساندت مصر حكومة فؤاد السنيورة وهل كنا نأخذ موقفاً منحازاً في لبنان.. هل هو موقف من السنة أم موقف من الشرعية؟
ـ مصر لم تساند حكومة السنيورة فقط.. هذه أيضا قراءة خاطئة.. مصر ساندت الشعب اللبناني.. والمجتمع اللبناني قائم علي توازن دقيق بين أكثر من 15 طائفة واتجاهًا.. إذا ما سيطر أو سعي أحد هذه الاتجاهات للسيطرة النهائية علي البلد فهذا البلد لن يسلم.. لأنه سيمر بحرب ثم حرب ثم حرب وتستمر الحروب.. أي أنه صراع ممتد إلي ما لا نهاية.. ولكن مصر طالبت بأن يعود الجميع إلي هذا التوازن الداخلي الدقيق الذي بني في الطائف وبني ربما حتي من عام 1943 باستقلال لبنان.
أنت تتحدث عن الطائف لا تتحدث عن اتفاق الدوحة؟
ـ لأن الدوحة ليس باتفاق تأسيس، (الدوحة) هو مصالحة داخلية اتاحت للبنانيين انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة توطئة للانتخابات المقبلة والتي سوف تتم علي الأسس الدستورية المتفق عليها لبنانيا، الطائف هو الأساس، الدوحة هو مجرد مصالحة.
لكن اتفاق الدوحة اقترب من الحصص الانتخابية؟
ـ لم تتعدل المعادلة الداخلية.. لم نقل مثلا أن يكون رئيس الوزراء شيعياً وليس سنياً.. لم يقل الدوحة تغيير انتماء رئيس الجيش أو رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة أو الحصص المتبادلة.. اتفاق الدوحة مصالحة.
السيد الوزير.. الجملة لم تكتمل بعد في موضوع لبنان.. دعنا نعود إلي نقطة حزب الله.. هل مصر دولة في حالة عداء مع هذا الحزب؟
- لا نستطيع قول هذا.. ولا يمكن أن أقبل كلمة حالة عداء مع هذا الحزب.. ولكن مصر ترفض ما يسمي الميليشيات العسكرية في دولة قائمة علي القانون وعلي النظام.. عندما تتواجد ميليشيات علي الأرض فإنها تستخدم امكانياتها أحيانا كثيرة ضد بقية عناصر المجتمع ولكن.. ومع هذا أقول إن الشعب اللبناني أو الفئات اللبنانية قبلت بوجود حزب الله.. غير أن التجربة الأخيرة فرضت عليها أن تتحدث في مسألة سلاح حزب الله، ولكن.. إذا ما قبل المجتمع اللبناني بهذا المفهوم لا يستطيع أحد مصري أو عربي أو خارج هذا الإقليم أن يتحدث بالاعتراض علي هذا الوضع، ومع ذلك.. أنا أتفهم أيضًا من ناحية أخري الحاجة للمقاومة لأن إسرائيل قامت بالاعتداء علي لبنان أكثر من مرة.
ما هذه المعاني المتشابكة ياسيادة الوزير.. أوضح ماتريد أن تقول لو تفضلت..
- علينا أن نصل إلي اللحظة التي نهيئ فيها وضعًا.. أو نوجه وضعًا.. أو نخلق وضعًا لا تكون هناك حاجة فيه للسلاح علي الأرض اللبنانية، عندما تتوقف إسرائيل عن الاعتداء علي لبنان و عندما تنهي هذا الاحتلال.. ولكن في كل الأحوال، موضوع استخدام السلاح علي الأرض في لبنان.. ومن لبناني تجاه لبناني أمر لا نوافق عليه.. ولا يمكن أن نقبله.
في الأزمة الأخيرة لم يكن هناك مبرر ،أو لم تكن هناك مواصفات حالة تقول إن هناك مقاومة، بالعكس استخدم السلاح اللبناني ضد اللبنانيين وجرت معارك بالأسلحة تجاه لبنانيين وقتل حزب الله عددا من السنة وحاصر واشتبك مع الدروز في الجبل.. هنا لم تكن تلك مقاومة؟
- ولهذا نقول فليسحب السلاح من الجميع.. ويجب أن تقوم الدولة اللبنانية في اللحظة المناسبة وبالتوافق اللبناني الداخلي بسحب السلاح من الجميع.
يتحدث بعض الكتاب المصريين المتعاطفين مع حزب الله عن أن مصر والسعودية قدما نوعًا من العون المادي واللوجستي وربما السلاح لميليشيات سنية.. هل هذا الكلام صحيح؟
- ليس بالنسبة لمصر.. لا أعلم بالنسبة للسعودية لأنني لا أستطيع أن أنفي بالنيابة عن السعودية، ولكن.. فيما يتعلق بمصر فالمؤكد أنها لا تتعاطف مع أي ميليشيات ولا تقدم السلاح أو الدعم المادي لأي ميليشيات أو أي عناصر مسلحة علي الأرض اللبنانية ولكن.. يجب أن يفهم أيضا أن مصر لديها القدرة علي ذلك وتستطيع أن تفعل هذا ولكن ذلك ليس من سياستها.. ليس من سياسة مصر الخارجية في «هذا العصر» أن يكون لها امتداد مسلح علي أرض غير مصرية.. ومصر لا تتعاطف مع استخدام السلاح مهما كان الأمر، يجب أن نعلم أن استخدام السلاح يقود إلي استخدام سلاح مضاد.. واستخدام السلاح المضاد هو من العناصر الممكنة وهو شيء ممكن ولكن لا يجب أن يسمح به.
وفي هذه النقطة أقول: الكثيرون عبروا عن انتقادهم وهؤلاء الكثيرون من ذوي السياسات أو الرؤي التي تستهدف الترويج لرؤي لها منطلقاتها.. هذه الرؤي التي لها منطلقاتها انتقدت مصر، واقول لهم كيف لكم أن تتصدوا أو أن تعترضوا أو أن تعقبوا أو أن تتحفظوا انطلاقا من رؤي ليست لكم.. حقيقة الأمر أن أصحاب هذه الرؤي كانوا يرغبون ويودون ويأملون أن توظف مصر امكانياتها لخدمة أهداف دولة أخري خارج الإقليم العربي تسعي إلي استخدام هذا الوضع اللبناني لخدمة مصالحها وكانت هذه الأصوات المصرية للأسف ترغب من مصر أن توظف امكانياتها لصالح هذا المشروع.. فإذا لم توظف امكانياتها لهذا المشروع قيل عنها إنها فقدت دورها. أنت تتحدث عن إيران وعن الرؤي التي تساندها في مصر دون أن تذكر اسمها؟ - نعم.. هذه الأصوات تقول فقد تم الدور.. وطبعاً نحن نتابع علي مدي سنوات هذا الحديث عن فقدان الدور.. وحديث فقدان الدور دائماً يأتي عندما تكون هناك قوي اقليمية اخري تسعي للإمساك بالأوضاع الإقليمية.. ويأتي هؤلاء ويقولون لماذا لا تنضمون لها؟!.. الهدف هو أن ننضم لها ولا نقاومها.. هذه القوي الإقليمية لها نزاعها مع العالم الغربي.. بينما مصر لها أولوياتها..
ماهي أولويات مصر ؟
-أولوياتها هي العمل المصري الداخلي، من أجل تأمين وتحسين أحوال المعيشة ودرجة نمو عالية.. الهدف المصري هو تحقيق الاستقرار للإقليم.. وتحقيق السلام للإقليم، الهدف المصري هو أن هذا الإقليم ينجح في الامساك بكل ما هو متطلبات الحداثة، هؤلاء لا يرغبون في ذلك.. يرغبون أن تتصدي مصر للعالم الغربي وتساير هذه القوي الثورية.
الإيرانية؟
- الثورية.. اقولها هكذا لانه ليست بالضرورة كلها إيرانية.. هذه القوي الثورية تسعي من أجل تحقيق أهداف الثورة الدائمة.. الثورة الدائمة دائماً ما تسقط الثورة لا تنبغي أن تسقط.. الثورة مهمتها أن تحول المجتمع من مرحلة ومن وضع إلي مرحلة ووضع آخر.. ولكنها إذا ما صدقت أنها ثورة دائمة فهي دائما تسقط ونهايتها السقوط.. ومصر من حكمتها تعي هذه الدروس في التاريخ.
ما تعريفك للدور المصري في ضوء أن هناك تجاذبات.. آخرون يدفعوننا في اتجاه المشروع الإيراني بينما نحن نلتزم بإطار محدد ؟
- المشروع المصري يجب أن ينطلق من الحفاظ علي الأمن القومي العربي والسعي لتحقيق الاستقرار للاقليم والسعي لتحقيق السلام.. والهدف هو الحداثة وتحسين مستوي المعيشة للشعب.. من يقول غير ذلك يسعي إلي مواجهات لا يدفع ثمنها إلا أبناء شعب مصر.. في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تحملت مصر المواجهة مع العالم الغربي ومع إسرائيل ولم يكن هناك في الميدان إلا مصر.. وحملت مصر بهذه المواجهة ثم وصلنا إلي مرحلة السلام المصري الإسرائيلي والتعايش مع العالم الغربي في حالة من الاحترام المتبادل وفي نفس الوقت سقط الاتحادالسوفيتي.. سقط.. تحلل.. وفي نفس الوقت وجدنا ثروة هائلة تتواجد في منطقة الخليج.
الخليج يحصل يوميا- الان - علي ثلاثة آلاف مليون دولار «يوميا».. ثلاثة آلاف مليون دولار في اليوم.. وبالتالي هذه مسائل جديدة.. هناك شيء اسمه العولمة.. هناك شيء اسمه المجال الإعلامي في الفضاء الذي يتيح للإنسان المصري أو العربي ضمانه الوصول للمحطة يستطيع أن ينظر إليها وبالتالي هناك الكثير من التيارات والكثير من التطورات من لا يستطيع أن يتعايش مع هذه التطورات والتغيرات علي الأرض العربية فليناطح الجبال.. فليناطح الجبال.
سيادة الوزير.. أتفق مع هذه الأهداف بشكل واضح ومؤيد لها وأعتقد أنها تحقق نتائجها علي أرض الواقع.. لكن؟
- قبل أن تقول ولكن.. اريد أن اضيف إلي المتغيرات أن مصر تنمو.. بمعدل 7.1% و7.2% ونأمل أن تصل إلي 8% نمو في العام المقبل، مصر في حقيقة الأمر تنمو 20% سنويا لأن الـ8% هي المعدل الصافي بعد استقطاع معدل التضخم فلو قلنا إن التضخم 10% مثلما أعلن وزير المالية وكان قبل ذلك 13% معني ذلك أنني عندما أقول إننا ننمو بنسبة 7.2% إننا في حقيقة الأمر ننمو في العام 20%، هذه حالة من الانطلاق يجب ألا تتوقف.
الخطاب المعبر عن الدور المصري في توجهه غير الثوري لا يجد صدي لدي الشارع.. أسمع أصواتًا بين الناس تؤيد حزب الله وتؤيد الخطاب السوري وتؤيد الخطاب الإيراني.. وأحيانا تؤيد خطاب حماس؟
- لأن قطاعات من الشعب المصري مازالت تعيش في حالة ثورية.. ترغب عبرها في مواجهة العالم الغربي وإسرائيل.. وأنا أتفهم هذا.. ولا اتفق معه لانه لا يحقق مصالحنا.. أيضاً أتفهم أن هناك حالة من الغضب الحاد من قبل الشعب المصري والشعب العربي والشعوب الإسلامية لكل هذا القدر من الظلم الذي يفرض علي المسلمين وعلي الإسلام وكل هذه المراوغات والمناورات والهجمات علي عالم الإسلام ولكن.. صاحب القرار السياسي و من بعده منفذ السياسة الخارجية المصرية عليه مسئولية تتجاوز مشاعره وتتجاوز أحاسيسه، بمعني انه يستطيع الإنسان أن يغضب ويستطيع الإنسان أن يرد ويستطيع الإنسان لا أقصد أن يتطاول ولكن أن يستخدم من اللغة التي يمكن وصفها في أقل تقدير أنها حادة ولكن ما هي عواقب هذا؟
ألا تعوقكم هذه المشاعر العاطفية لدي الرأي العام في تطبيق الدور المصري والمشروع الذي تتحدث عنه؟
- نحاول دائما تلمس رؤية الشارع وأحاسيس الشعب والوطن.. ولكن المسئولية أولاً وأخيرًا في تأمين كل ما هو جيد لأبناء الشعب.
ولو اردت أن تواصل الجدل فسوف أطالبك أنت شخصيا بأن تعود إلي يوليو وأغسطس 2006 وتتابع وتقرأ مرة أخري ما كتب عما حدث في لبنان والحرب اللبنانية والمطالبة بأن تتصدي مصر.. وأن تفعل مصر.. ثم وبعد عامين أرجو منك أن تراجع نفس المقالات التي كتبت أثناء الاشهر الأخيرة ولنري ولنتابع.. هل كانت مصر وقتها قادرة علي الحساب الدقيق لكي تحمي مصالحها أولاً وأخيرًا ولا أقول مسئولياتها تجاه الإقليم رغم أن لها مسئوليات تجاه الإقليم، ومسئولياتها تجاه الإقليم هي التي فرضت عليها أن تتخذ من المواقف التالية خلال العامين ما قامت به فإذا ما راجعت هذه الكتابات سوف تجد أن البعض كان يطالب بإرسال قوات.. الآخرون طالبوا بقطع العلاقات مع إسرائيل.. وهناك من طالبوا بإرسال المتطوعين وبإرسال السلاح ثم اكتشفنا بعد ذلك أن هناك من قال لو كنا نعلم ما سوف يكون ما كنا قد طالبنا بما طالبنا به.. ثم هاهو عاد السلاح لكي يضرب أهل لبنان وخرجت هذه الأصوات التي طالبت القيادة المصرية والسياسية الخارجية المصرية بتصرفات معينة عادت هذه الأصوات لكي تنتقد وبأعلي صوت ما حدث علي الأرض اللبنانية.. لابد من حسابات دقيقة.
دقة الحساب أمر مفهوم في إطار صناعة السياسة الخارجية.. لكن الشارع يخضع لتأثيرات.. أنت قلت أن المد الثوري مازال موجودًا لدي قطاعات من الرأي العام.. يريدون سياسة خارجية ثورية تتحدث بصوت عال وطريقة مختلفة عما هي عليه الآن.. ألا تشعر أن هناك فجوة مع الرأي العام؟
- لا.. بالعكس.. و عندما نستشعر أن هناك من يتعرض للكرامة المصرية أو للوضعية المصرية نرد عليه.. وعليك أن تسأل هؤلاء الذين سارعوا لانتقاد الاداء.. وقالوا لنا كيف تتصدون لتدخل البرلمان الأوروبي عندما تدخل في الشأن المصري، هذه هي نفس الأصوات التي تقول لا دور لنا.. هي التي تقول لنا كيف تتصدي لتدخل الاوربيين.. كيف تتصدي للكونجرس عندما يتحدث عن مصر كيف تتصدي للاتحاد الأوروبي عندما يتحدث عن مصر.. وانا اقول من يتصدي لمصر نتصدي له بنفس القول و بنفس الحجم، تتذكر هؤلاء الذين قالوا فقدان الدور ادعوا أن مصر حصلت علي صوت واحد أثناء انتخابات مجلس حقوق الإنسان وقلنا لم نكن مرشحين من الأصل.. وعندما رشحنا بالفعل في الدورة التالية أخذنا أعلي الأصوات «مصر».. قالوا لقد سقط القرار المصري في وكالة الطاقة الذرية فقلنا القرار صدر باقتراح مصري وحظي بـ53 صوتًا ضد 2 مع امتناع الدول الأوروبية وجادلنا مع الدول الأوروبية وسوف نمضي في الجدل.
لا يعنيني إلا أن أنجح في تنفيذ هذه السياسة ونؤمن لأنفسنا التأييد والاحترام الدولي وأعتقد أن مصر دوليا لها هذا القدر الكبير من الاحترام وإقليميا لها هذا القدر الكبير من الاحترام.. لن نستفز.. لن نستفز.. نحن نتحرك مرة في السودان.. مرة في القضية الفلسطينية.. مرة في البحر الأبيض المتوسط.. مرة في وكالة الغذاء والزراعة.. نحن نتحرك علي جبهة عريضة للغاية.. وانظر هذا القدر من التحدي وانه يصعب أن تجد دولة أخري بإمكانيات مصر وبوضعيتها الإقليمية لديها هذا القدر من الاشتباك أو الاتصال والإمساك بهذه المواجهة العريضة من كل هذه المسائل الدولية.. «لا أحد إلا مصر في هذا الإقليم».. وبالتالي الجميع يتحدث عن الدور.. هم يقصدون فقط الدور في قضية وحيدة و نحن نتحدث عن المسئولية وليس الدور.. المسئولية المصرية ناحية مواجهة بمساحات عريضة.
ماذا تقصد بالمسئولية المصرية؟
ـ المسئولية المصرية للدفاع عن حق الإقليم.. وحق الإقليم ليس هو الحق الجغرافي فقط وهو ليس في الإقليم العربي وانما هو اقليم أيضا اسلامي.. ومسئولية مصر واضحة وظاهرة للغاية في منظمة المؤتمر الإسلامي.. وسوف يعقد مؤتمر قمة اسلامية في مصر في 2011.. مصر ظاهرة وبوضوح شديد في حركة عدم الانحياز وسوف تعقد قمة حركة انحياز في مصر عام 2009.. مسئولية مصر واضحة وقادرة علي المستوي الافريقي سوف تعقد قمة افريقية في مصر في 2008.. و من خلال انعقاد القمم الافريقية الفرنسية في مصر 2009.. والاجتماع الوزاري بين الصين وافريقيا في 2009.. كلها نشاطات مصرية.. العالم لا يلجأ إلا لمن هو قادر.. العالم لا يلجأ للضعيف العالم يلجأ للقادر علي أن يقدم كل ما يمثل مساهمة للبشرية ولتحقيق العلاقات الدولية المستقرة وغيرها.
هل تعاني أجندة السياسة الخارجية من تأثيرات التنافسات السياسية الداخلية في مصر؟
ـ إطلاقا لايوجد مثل هذه الحالة علي المسرح المصري.
ألا تعاني وزارة الخارجية من أن هناك تنافسات عديدة متنوعة تدفع بالموضوعات الخارجية علي موائد النقاش الداخلي بصورة قد لا تكون إيجابية؟
ـ هناك مسئوليات محددة لأجهزة الأمن القومي المصري تقوم بتنفيذها طبقًا للتوجيهات الصادرة من القيادة السياسية وطبقًا للأطر الموضوعة، وهذه الاجهزة الممثلة في الأمن القومي المصري بأجهزة وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والمخابرات العامة وبعض الاجهزة المعاونة مثل وزارة الاعلام ووزارة المالية وغيرها تقوم بدورها.. و قد يدهشك أنني أقول إن وزارة التعليم العالي من الاجهزة المعاونة في تنفيذ السياسة الخارجية المصرية لأنها تقدم لنا منحًا تعليمية للصندوق المصري للتعاون الافريقي.. يدهشك أن أقول إن وزارة الري والموارد المائية هي أحد عناصر تنفيذ السياسة الخارجية المصرية.. ويدهشك أن أقول إن وزارة الزراعة هي احد عناصر تنفيذ السياسة الخارجية المصرية لانها علي المسرح الافريقي تتحرك بالامداد بالخبراء في الأسماك وفي المزارع السمكية ثم هناك المؤسسة الاعلامية الهائلة سواء الحكومية أو الخاصة التي لها رؤيتها ولها مساهمتها عن طريق الخطأ أو عن طريق الصواب.. لانها احيانا كثيرة تقرأ المسائل بشكل خاطئ.. ولكن بصفة عامة هذه المؤسسة لها فاعليتها ولها دورها ويجب الاستماع لها.. لأن العالم الخارجي ايضا يستمع لها.. لديك مثال علي عنصر من العناصر مجلس العلاقات الخارجية المصرية، هذا المجلس له رؤيته ونستمع لهذه الرؤية من خلال تقاريره ومن خلال ندواته وبالتالي أقول إن هناك أيادي كثيرة تعمل في تنفيذ هذه السياسة.
ومن ثم اقول إنه لا يوجد تنافس بين عناصر أجهزة الأمن القومي، أقول إنها تعمل في تناسق ومن يقف علي باب وزارة الخارجية يوميا بين الاحد والخميس إن لم يكن السبت والجمعة ايضا يكتشف أن هناك الكثير من رجالات الاجهزة المصرية العاملة في حقل الأمن القومي وغيرها من اجهزة الحكومة المصرية يأتون إلي ما يسمي مجموعات العمل المصرية التي تتناول موضوعًا محددًا وتقرر فيه رأيها ثم تعرض علي رؤسائها الذين يقومون إما بالتنفيذ أو بتناول الأمر مع القيادة السياسية.
سيادة الوزير أنت عمليا تجيب عن سؤال آخر: ولكن دعني أناقش المسألة بشكل آخر هل تحظي السياسة الخارجية المصرية بالترويج الإعلامي الكافي في مصر؟
ـ أنا أعتقد أن الأمر يحتاج من قبل الإعلام المصري لبذل بعض الجهد في المتابعة الدقيقة للقضايا.. هناك ايضا تسرع في تناول المسائل بدون معرفة عميقة لجوانب القضية.
نعود إلي لبنان.. صدر قرار من جامعة الدول العربية بتقديم نوع من الدعم اللوجستي لجيش لبنان ما الذي كان مقصودًا بهذا القرار؟
ـ مقصود به أن نساعد لبنان لبناء جيشها.. الدول التي لديها من العرب امكانيات مالية للإمداد بالسلاح تستطيع أن تعرض شراء السلاح من مصانعه أو تقدم العون.. الهدف هو اعادة بناء وتأهيل الجيش اللبناني لكي يستطيع حماية البلد وحفظ امنه.. كلنا نعلم أن هذا الجيش لديه ايضا القيود الواقعة عليه ولكن رغم هذه الاطر والقيود مطلوب أن يقوم كل بدوره.
كدولة مصرية ما اتجاهاتكم في هذا السياق؟
ـ نحن ندعم الجيش اللبناني وندعم احتياجات الجيش اللبناني وتدريب ضباط الجيش اللبناني ونحن نتحرك دائما ليس بتقديم العرض ولكن بتلقي الطلب وعندما نتلقي الطلبات ننظر فيها.. وزيارة قائد الجيش اللبناني سابقًا وهو الذي انتخب رئيسا.. نظرنا فيها وهناك اتصالات دائمة بين المؤسستين العسكريتين.
أعود مجددًا لحديث الدور..
- مرة أخري وبأكبر قدر من التحليل الهادئ هؤلاء الذين يتحدثون عن الدور المصري ويتصورون أن مصر علي استعداد للمواجهات الثورية وامداد الميليشيات بالسلاح.. للتنظيمات الخارجة عن القانون في الدول المختلفة، هؤلاء الذين يطالبون بعودة مصر إلي الصدام العسكري مع إسرائيل والتمرد علي الوضع الدولي الحالي وعلاقات القوي الحالية مثلما نراها ونشهدها سواء علي مسرح الشرق الأوسط أو البحر الابيض المتوسط أو علاقات القوي الخمسة الرئيسية في مجلس الأمن يخطئون خطأ جسيمًا لأن عالم اليوم هو ليس بعالم الستينيات.. في الستينيات لم يكن هناك خليج مستقل بوحداته المختلفة ولم تكن هناك هذه القدرة الهائلة في منطقة الخليج التي دفعت وأدت بها بأن يكون لها صناديق سيادية قادرة علي السيطرة علي الكثير من بورصات العالم.. هؤلاء الذين ينسون أن الاتحاد السوفيتي فقد وأن الصين والهند في بزوغ، هؤلاء الذين لايرون أن المجتمع الدولي تشكل و في طريقه للمزيد من التشكل، يطالبون مصر بأن تتصدي لمواجهات ولمعارك أكبر من قدرتها ولا يجب أن تدخل فيها.. الولايات المتحدة ناتجها القومي 14 تريليون دولار.. والاتحاد الاوروبي ناتجه الكامل المتكامل 15 تريليون دولار.. فرنسا 2.25 تريليون دولار.. وروسيا لديها قدرات هائلة وتعود مرة أخري بقوة كبيرة نتيجة لأن سعر البترول اليوم يتصاعد.. البرميل يتجاوز مائة وخمسة وثلاثين دولارًا للبرميل.. الاتحاد الروسي يستطيع أن ينتج بين 9 و10 ملايين برميل في اليوم وعليك أن تحسب ما يعني هذا. هؤلاء الذين يطالبون مصر بعدد سكان 80 مليونًا أن تتصدي لهذه المواجهات التي لاتهدف إلي شيء ولا ينبغي أن تتم لأنها ستقود إلي لا شيء.. يظلمون بلدهم ومع ذلك تتحمل مصر ومازالت وسوف تكون مسئولياتها تجاه نفسها وأمنها القومي وأمن الإقليم العربي.. وأيضا تتفاعل مع كل ما هو من مسئوليتها في العالم الإسلامي.. من يطالب مصر بأكثر من ذلك عليه أن يبذل هو ما يرغب أن يبذله دفاعا عما يقتنع بأنه هو الصواب.. لقد تحدث الكثيرون وقالوا فلترسلوا المتطوعين ولم نر المتطوعين.
نقلا عن جريدة روزاليوسف
0 comments
Post a Comment