Monday, May 26, 2008

الغباء السياسي في العقل الامريكي ،،،،،دكتور غالب الفريحات

Posted by مجلة المصداقية السياسية at 5:27 AM
على الرغم من ان الولايات المتحدة دولة قانون و مؤسسات ، الا انها دولة افراد ومجموعات ضغط ذات مصالح تتجاوز الانظمة والقوانين من جهة اوتعمل على صياغة انظمة وقوانين بما يخدم مصالح هذه المجموعات من جهة اخرى، وفي الغالب فان مصالح هذه المجموعات هي التي تذهب بعيدا في توجيه السياسة الامريكية الداخلية و الخارجية على وجه الخصوص ، لان مصالح هذه المجموعات – اللوبي الصهيوني ، لوبي صناعة الاسلحة ، لوبي النفط – ترتبط جذريا بالخارج وهي تعمد لاستخدام الدولة في تنفيذ السياسات الخارجية التي تخدم مصالحها ، ضاربة بعرض الحائط مصالح المجتمع،وفي كثير من الاحيان ان لم يكن في جميعها على حساب مصالح المجتمع بافراده ومؤسساته . اما فيما يتعلق بالافراد فالرئيس الامريكي دوما عند ما تطأ قدماه بوابة البيت الابيض يسعى للتخطيط لانتخابات الفترة الثانية ، فما يعمله في فترته الاولى تمهيدا لما يريد ان يجنيه في انتخابات الفترة الثانية، وهؤلاء الرؤساء يتفاوتون في قوة شخصياتهم وخلفياتهم والمجموعات التي تملك التأثير عليهم في اتخاذ قراراتهم ذات الصلة بمصالح هذه المجموعات وحتى الافرادالذين لهم الفضل في السباق الانتخابي عند الحملة الانتخابية والى حد كبير الى الافراد الذين يحيطون بالرئيس بعد فوزه في الانتخابات ، واذا كانت شخصية الرئيس هشة وضعيفة كما يلاحظ في سلوكيات بوش الصغير ، فان تأثير هؤلاء الافراد يكون ملفتا للنظر لا بل يضيع شخصية الرئيس ويصبح العوبة في يد رجاله ومستشاريه ، وكل من هؤلاء لا يمثل في الاغلب مصالحه الخاصة بقدر ما يمثل المجموعة التي تدعمه ويستند عليها، والتي اوصلته الى الموقع الذي يحتله ثم الى حدود الطموح الذي يسعى للوصول اليه .

هذه الدولة الكبيرة في عدد السكان نسبيا وفي الثروات الهائلة والتقدم العلمي والتكنلوجي ، لم تستطع ان تحقق طموحات الهيمنة والسيطرة التي تسعى اليها على الرغم من اللهاث المحموم لاقتناص هذه الفرصة الضائعة ما بين سقوط الاتحاد السوفياتي وغياب عالم ثنائي القطبية والتحضير لعالم متعدد الاقطاب – هذه الفرصة التي تريد الولايات المتحدة ان تقتنصها لصالح تكريس هيمنتها والوقوف في طريق التقدم العالمي نحو عالم متعدد الاقطاب ، قد ادى الى انتكاسة عسكرية وسياسية واخلاقية منذ الحادي عشر من سبتمبر ، لان الغباء السياسي الامريكي اراد ان يحقق اهداف الدولة من خلال الحذاء العسكري والذي اثبت التاريخ انه لا يصنع امراطورية على الاطلاق منذ الدولة الرومانية وحتى اليوم بقدر ما يصنع قدرة عسكرية مدمرة على الذات في المقدمة الاولى .

صحيح ان الولايات المتحدة تملك قوة عسكرية كبيرة جدا وهي متواجدة على الارض لاكثر من ستين دولة وقادرة على التأثير العسكري في اكثر من مئة دولة ولكن هذا الحجم العسكري آني لان الالتزام العسكري يحتاج الى قدرة اقتصادية كبيرة جدا لدعم ديمومتة، لان محاولة سرقة ثروات الشعوب وان انطلت على الشعوب في العهد الاستعماري القديم فانها لم تعد قابلة على التطبيق في هذا العصر بالاضافة الى ذلك ان الاساليب والمعايير السياسية التي تستخدمها الولايات المتحدة تؤكد ان ساسة هذه الدولة اكثر بعدا عن فهم العالم بحضاراته وثقافاته وتوجهات ابنائه، ويمكن وصف الساسة الامريكان بالاضافة الى الغباء السياسي بالامية السياسية ، التي اوقعت الولايات المتحدة في نكسات سياسية كبيرة جدا امام ارادة العديد من الدول وفي كثير من الحالات مع حلفائهالان الغطرسةالسياسية لاتبعد الاصدقاء فحسب بل تدفع بهم الى اللجوء الى اساليب التخلص من هذا الصديق الثقيل الظل ، لهذا فلا تجد دولة في العالم تملك الحد الادنى من الارادة تستقبل اي مسؤول امريكي الا على مضض وبشيء من الازدراء والاحتقار غير المكشوف .

بعد الحادي عشر من سبتمبركان العالم باجمعه يتعاطف مع الضحايا الامريكان ، وكان يمكن للدولة الامريكية استثمار هذا التعاطف الدولي بالسعي لوضع قانون دولي يتوخى العدالةواحترام ارادة الشعوب ورفع الظلم عن الشعوب المقهورة وبشكل خاص في العالم الثالث وعلى وجه التحديد في فلسطين،الا ان الغباء السياسي قد اودى بهذه الفرصة الذهبية وبدلا من السعي لارساء دعائم نظام دولي جديد تقوده الولايات المتحدة سعت الادارة الامريكية وبقيادة المحافظين اليمينيين للهيمنة والسيطرةعلى العالم بوسائل القتل والتدمير تحت ذريعة محاربة الارهاب والارهاب ذاته متجذر في الولايات المتحدة على الصعيد الفردي والدولي ، فليس هناك دولة في العالم الا الكيان الصهيوني يتفوق في ممارسات افراده الاجرامية على الولايات المتحدة ، وليس هناك دولة في العالم تمارس القتل والتدمير اكثر دموية من الولايات المتحدة الا صديقتها الحميمة على ارض فلسطين ، وان كانت جريمة الولايات المتحدة اكثر لممارستها الارهاب بشكل مزدوج المتمثل بممارسة الدولة والدعم للاجرام ، فالولايات المتحدة اكثر دولة في العالم مارست العدوان في حق شعوب العالم وهي اكثر دولة في العالم تحمي العدوان الصهيوني على ارض فلسطين .

جيشت الولايات المتحدة الجيوش لغزوافغانستان تحت ذريعة الارهاب ونظام طالبان ، وكذلك فعلت في العراق تحت ذريعة اسلحة الدمار الشامل ، وفي الحالتين تأكد للعالم عدم مصداقية امريكا لا في افغانستان ولا في العراق ، ولكن الغباء السياسي قد قادها الى الوهم في امكانية اخضاع العراق لهيمنتها ونهب خيراته وجعله نقطة االارتكاز للتخطيط لاعادة خارطة الشرق الاوسط - الوطن العربي – بما يتلائم واهدافها واهداف الكيان الصهيوني ، ومن يتمعن في السياسة الامريكية اتجاه غزو العراق يؤكد ان صناع القرار في هذه الدولة اشبه بالاطفال المبتدئين في عملية القراءة والكتابة السياسية لان المعلومات الاستخبارية التي تم الاعتماد عليها لا تحظى بالحد الادنى من المصداقية، فهي من عملاء وجواسيس باعوا شرفهم ووطنهم من اجل مكاسب دنيئة تمثلوا بما اطلق عليهم بالمعارضة العراقية التي لم تد نس العراق فحسب بل د نست كل ابناء الامة العربية ، وان الدولة العظمى لا هي ولا اسخباراتها ولا عملائها كانوا يريدون تشخيص الواقع العراقي على حقيقته ، لان التشخيص الواقعي الذي يحظى بالمصداقية يشل قدرتهم على اتخاذ قرار الغزو الذي تغلغل في عقول هؤلاء الساسة الاغبياء الذين في حقيقة امرهم لايسعون لخدمة اهداف الولايات المتحدة كدولة بقدر ما كانوا يسعون لخدمة اهداف الحركة الصهيونية كأعضاء في زمرة المسيحية الصهيونية .

الدولة العراقية رغم عدوانين / فارسي وامريكي وحصار عالمي يقيادة الولايات المتحدة استطاعت الصمود وليس هناك عاقل يمكن ان يتمتع بالحد الادنى من سوية العقل ان يعتقد ان نظاما ديكتاتوريا كما تزعم الادارة الامريكية يصمد في وجه عدوانين وحصار لمدة اثني عشر عاما الا اذا كانت له قواعد شعبية قادرة وفاعلة في الدفاع عنه ، وهذه تؤكد شعبية النظام بعكس الدعاية الامريكية والصهيونية وزمرة العملاء والجواسيس ، ثم ان نظاما ديكتاتوريا لابد وان يخاف من سطوته على شعبه ، فكيف به يدرب كل الشعب ويقدم السلاح لكل الشعب ، ويطلق سراح كل المعتقلين قبل المواجهة مع الامريكان ، وفي نفس الوقت كان قادرا على توفير الامن والامان والغذاء والدواء لكل افراد الشعب في الوقت الذي تفشل الامبراطورية العظمى التي تحتل العراق من توفير اي شيء ، ولو ان النظام لا يملك كل هذه المقومات لما لجأت امريكا لاسقاط النظام بالقوة لانها كانت تعي ان عملاءها من العراقيين ما كانوا يتجاوزون في دورهم دور الكلاب الضالة ، وقد ينبري احد الحاقدين او المأجورين بالقول كيف يملك النظام العراقي كل هذه المقومات ؟ ولا يتمكن من الصمود امام الغزو الامريكي ، والاجابة على هذا القول الممجوج ان العراق دولة من دول العالم الثالث وايا كانت الامكانيات التي لديه لاتتمكن من مواجهة غزو امبريالي عالمي بقيادة دولتين من الدول العظمى هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ليست الحرب والانتصار فيها بقدرة تحطيم الة العدو العسكرية ولكن بقدرة استسلام ارادة العدو والنجاح في الاحتفاظ بالارض فهل تمكنت امريكا بانتزاع الاستسلام من النظام العراقي ؟ وهل هي قادرة وبعد مروراكثر من عام على الغزو ان تسيطر على العراق؟،هاهي امريكا تولول وتصرخ حد البكاء وتستجدي دول العالم ان يجدوا لها مخرجا، ونحن على يقين انها لن تخرج من المستنقع العراقي الا بعد ان يتهشم وجهها وعندها سوف تتعلم الدرس جيدا، لانه على ما يبدو ان درس فيتنام كان غير قاس بما فيه الكفاية ، كل ذلك بسبب الغباء السياسي في العقل الامريكي .

ان غباء السياسة والساسة الامريكان قد د فع بهم الى المستنقع العراقي ، ولهذا فقد كان غزو العراق يؤكد على تخبط الدولة العظمى التي تريد ان تحكم العالم من خلال فوهة البندقية ، وهاهو الاحتلال قد بدأ بالتفكير في اخراج مسرحية الهروب لما الت اليه احواله العسكرية والسياسية والاخلاقية بفعل المقاومةالعراقية، وهاهو الاحتلال يستجدي الامم المتحدة بعد ان ضرب العالم وهيئة الامم بأحذية مرتزقته عندما اتخذ قرار الغزو ، وهاهم العملاء والجواسيس الذين اعتمدت عليهم الادارة الامريكية يتساقطون كأوراق الخريف بعد ان تحولوا الى دمى في الشارع العراقي ، اذ لا يجرأ احدهم على الحركة في شوارع مدن العراق وحتى تحت حماية جنود اسياده .

ان الغباء السياسي في العقل الامريكي متجذر في الدولة ومؤسساتها وفي الافراد الذين يتبوأون مواقع صناعة القرار سواء في البيت الابيض او الكونجرس او ادارة المخابرات المركزية ، وهذا الغباء هو المسؤول عن فشل السياسات الامريكية ، لان هذا الغباء هو الذي يدفع بان يكون غزوالعراق هو المسمار الاول في النعش الامبراطوري الامريكي ، حيث اكد لهم النظام الوطني في العراق ان بغداد قد صممت على ان ينتحر مغول هذا العصر على اسوارها ، ولم يفهموا هذا التأكيد والتحذير لانهم ما كانوا راغبين بسماع الحقيقة ، والسياسي الذي يتعامى عن الحقيقة هو سياسي جاهل او ابله ، وهو غبي في ابجديات الحركة والعمل السياسي ، ومما يجدر ذكره في هذا السياق ان عربا كثيرين وبشكل خاص من السياسيين الرسميين يشاركون الامريكان في مثل هذا الغباء السياسي عندما يتنطعون لشتم القيادة الوطنية العراقية انسجاما مع العهر السياسي الامريكي القائم

الغباء الساسي الامريكي قاد الدولة التي تطمح ان تكون امبراطورية العصر الى السقوط السريع ، وباسرع ما كان يتوقعه اي مراقب ، وسيكون هذا السقوط بفعل ابطال العراق رجال المقاومة والتحرير، وسيكون عمر هذه الامبراطورية الحلم اقصر عمر في تاريخ امبراطوريات القهر والذل والعبودية لشعوب الارض ، وذلك ناجم عن ممارسة اولئك المعتوهين في الادارة الامريكية بمختلف مواقع الدولة .

لابطال العراق كل المحبة والتقدير ولرجال المقاومة والتحرير على ارض الرافدين كل التأييد ، وللساسة الامريكان وحلفائهم من عملاء وجواسيس وصهاينة كل الخزي والذل والعار،وقد جاء اليوم الذي يلعقون فيه هزيمتهم المؤكدة على ارض العراق وفلسطين

0 comments

 

خادم الحرمين زعيم العرب وامير المؤمنين Copyright © 2009 Blue Glide is Designed by Ipietoon Sponsored by Online Journal