Wednesday, June 25, 2008

الحــــــــــــــاكم بامرة ،،،،،،نبقلم عبد اللة السناوى

Posted by مجلة المصداقية السياسية at 6:05 AM
Image Hosted by ImageShack.us

أقوى رجل في "شلة جمال مبارك".. ويقول للرئيس: "يا أونكل"

المشهد غير مسبوق في تاريخ الحياة البرلمانية والسياسية، ويلخص على نحو خطير مدى الفساد العام الذي ضرب بنية التشريع في مصر وبنية صناعة القرار فيها، ويكشف بصورة سافرة، بلا رتوش عليها، تحكم بعض أصحاب "المليارات في مقاليد نظام الحكم الحالي، حتى بدا النظام نفسه طيعاً وهشاً في يد إمبراطور الحديد "أحمد عز" الذي فاقت سطوته أية أطراف أخرى داخل هذا النظام. بد المشهد - بوقائعه وتفاصيله وخلفياته- أقرب إلى "مسرحية عبثية"

تستغرقها كآبة الواقع الذي يستعصي على التصديق وتغيب عنها روح الفن وتأملاته العميقة في فلسفة الحياة والوجود، فلم يحدث في تاريخ البرلمانات المصرية في العصور الحديثة كلها أن صدرت مواد قانونية ثم نسخت في أقل من يومين، أو أن وافق أعضاؤها على تعديل تشريعي، ثم تراجعوا بعد أقل من خمس دقائق عن هذه الموافقة، وصوّتوا - مرة أخرى- على تعديل التعديل في اتجاه عكسي! في هذا المشهد تجلت سطوة "أحمد عز"،، وأن ما يقوله تعليمات واجبة التنفيذ فوراً، وأنه ليس بوسع رئيس المجلس النيابي غير أن يوافق على هذه المهزلة التشريعية، بمجرد أن صرخ إمبراطور الحديد فور إقرار المجلس فرض غرامة على المحتكر بنسبة 51% من المبيعات: "إيه ده..؟"!. والمفارقة المأساوية هنا، التي تتماهى مع "المسخرة"، أن "أحمد عز" أمين تنظيم الحزب الوطني، وأقرب رجال "جمال مبارك" إليه، أحد المعنيين مباشرة بهذا التعديل التشريعي، وملفه من ضمن الملفات الرئيسية المتهمة بممارسة جرائم احتكارية تمنع المنافسة وترفع أسقف الأسعار إلى حدود تكاد تدفع البلاد إلى الركود في سوق البناء. "أحمد عز" يدرك - أكثر من غيره- أن غرامة الـ(51%)، في حالة ثبوت تهمة الاحتكار عليه، قد تصل - حسب بعض التقديرات الاقتصادية والصحفية- إلى نحو ملياري جنيه مصري، وهو رقم يزيد بنحو سبعة أضعاف على الغرامة التي فرضها في متن التعديلات، التي لا تزيد على (300) مليون جنيه، وهنا يبدو التشريع مفصلاً على مقاس رجل واحد تلاحقه تهم الاحتكار ورفع أسقف الأسعار وجنى ثروات مليارية ربما تجاوزت الآن حاجز الـ(100) مليار جنيه في سنوات قليلة، ثم لم يدع "أحمد عز" لتعديلات قانون منع الاحتكار أية قيمة أو أدوار في تعقبه أو النيل منه مستقبلاً، وفرغه من محتواه وأحاله إلى ما يشبه "أوراق الكلينكس".. أقصى فوائده أن يجفف أعضاء مجلس الشعب وجوههم به في قيظ صيف القاهرة عند مغادرة بوابة البرلمان إلى شوارعها. فقد ألغى، بإرادته السامية، تعديلاً تشريعياً تقدمت به الحكومة، وأقرته اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب، يقضي بإعفاء المبلغ عن جرائم احتكارية من العقوبة، وأصر، ونفذ ما أصر عليه، وعدل ونفذ ما دعا إليه في نصوص التعديلات، وهو يدرك أن إعفاء المبلغ هو الوسيلة الرئيسية والفعالة لإثبات جرائم الممارسات الاحتكارية، والتي يصعب إثباتها بطرق أخرى، والمعنى أن "المشتبه فيه الأول" بممارسة جرائم احتكارية قد نجح وعلناً وتحت قبة البرلمان في أن يسد المنافذ القانونية التي يمكن أن تصل إليه، بل نجح، وكان نجاحه مستفزاً للرأي العام في أن يُلغم أسوار إمبراطوريته بترسانة تشريعية تردع فكرة الإبلاغ عن ممارسات احتكارية، فالمبلغ - وفق التعديل الذي فرضه عز- عليه أن يدفع نصف الغرامة القانونية المنصوص عليها، وهو ما لا يمكن أن يقدم عليه أحد، والمعنى أنه حصّن الاحتكارات وممارساتها، وخفض من احتمالات كشفها والذهاب بها إلى المحاكم، وجعل من المبلغين عنها عبرة لمن لا يعتبر، وفي النهاية فإن حصاد أرباح الاحتكارات تفوق وبما لا يقاس الغرامات المنصوص عليها في القانون، ويصبح خطر الملاحقة القانونية أقرب إلى نزهة لمحاميه في ساحات المحاكم، أو مادة استهزاء في مجالسه الخاصة! والغريب أن "أحمد عز" وصف التعديلات الحكومية، التي اقترحتها الحكومة وأقرتها اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب، وأقرها مجلس الشعب مجتمعاً قبل أن يتراجع عنها، بأنها "مستفزة"، قاصداً أنها تتعرض لمصالح معاليه المليارية، ومستفزة للاحتكارات ورفع أسقف الأسعار والتلاعب بحياة الناس ومستويات معيشتهم، دون أن يرى في كل ما يفعله، محمياً من نجل الرئيس، استفزازاً للرأي العام واستهانة بالمؤسسة التشريعية ودوساً بالأحذية الإيطالية اللامعة على دولة القانون والعدالة بمعانيها الحقيقية. في إحدى مسرحيات الممثل الكوميدي الكبير الراحل "فؤاد المهندس" أطلق عبارة ساخرة، ولكنها مفعمة بالقواعد القانونية الثابتة: "القانون مافيهوش زينب"، والمعنى أن القانون قواعد مجردة لتنظيم العلاقات والمعاملات في المجتمع، ينتفي عنها الصفة الشخصية، ولكن في قانون منع الاحتكار بدا التشريع شخصياً، والقانون يستحق أن يحمل اسم "قانون أحمد عز"، أو قانون منع تعقب "أحمد عز" في جرائم الاحتكار، أو قانون إباحة الاحتكار وتحصينه، أو تشريع تغول المال والسطوة والنفوذ على مقدرات البلد، وإفقاد العدالة أية معاني تنتسب إليها، وهو ما قد يؤدي عملياً إلى سقوط ما تبقى من دولة القانون وشيوع العنف، فالفجور في الاجتراء على حقوق الناس، والاستهتار بعقولهم ومشاعرهم، يهيئ التربة السياسية والاجتماعية لموجات عنف اجتماعي برزت بعض أخطاره فيما يمكن أن نسميه "البروفات الأولى" لعصابات الجريمة المنظمة، وعندما يسقط اعتبار القانون واحترامه تسود شريعة الغاب، ويرتفع منسوب العنف الاجتماعي والسياسي، ولكنهم لا يأبهون لمثل تلك المخاوف، فالطائرات الخاصة جاهزة للهروب بها عند اشتعال الحرائق، و"المليارات السهلة" بـ"العملات الصعبة" نقلت أغلبها إلى بنوك الخارج. ويرجع بعض قيادات الحزب الوطني سطوة "عز" إلى أنه "يصرف على الحزب الوطني"، وهذه "مسخرة إضافية" لحزب يستند - تقليدياً- إلى قوة الدولة وأجهزتها، ولا تنقصه الإمكانيات المالية الوافرة، إلا أن يكون قد طالته يد "الخصخصة والبيع"، وهي من صلب عقيدة لجنة سياساته، أو اعتبرنا أن بوسع أي رجل أعمال أن يشتري هذا الحزب ورجاله وقياداته وبرامجه والقوانين التي يعدها ببعض "المصاريف"، وهذه مسألة تتجاوز الحزب الوطني وما يحدث فيه إلى مصير البلد. ومن المثير أن تصرح السيدة منى ياسين رئيس جهاز المنافسة ومنع الاحتكار أن "التعديلات جاءت لصالح الشركات الكبرى وعاقبت الشركات المتوسطة"، أو أن تعارض السلطة العليا نفسها، أو أن تضع صحفاً قومية مثل "الأهرام" علامات تعجب واستنكار على القصة كلها! والمثير أكثر في قصة تعديلات "أحمد عز" أن الطرف الآخر فيها هو وزير الصناعة والتجارة "رشيد محمد رشيد"، فهو صاحب الاقتراحات الحكومية التي رفضها عز، وهو -أيضاً- من كبار رجال الأعمال وأصحاب "المليارات"، وعلاقاته وثيقة بالقرابة والنسب أو شراكة المشروعات مع عائلات "المغربي" (وعلى رأسها وزير الإسكان أحمد المغربي) و"منصور" (وفي مقدمتها وزير النقل محمد منصور)، و"الجمال" (وفي الواجهة محمود الجمال صهر جمال مبارك نجل الرئيس).. أي أنه طرف رئيسي في أقوى تجمع اقتصادي ملياري في مصر الآن تضمه ذات الأفكار والتصورات والانتماءات، فضلاً عن المصاهرات العائلية، وهو - إلى ذلك كله- المرشح المفضل لنجل الرئيس لتولي رئاسة الحكومة خلفاً للدكتور "أحمد نظيف"، ويميل إلى الغرب وعلاقته وثيقة به، ولم يعهد عنه في أية مرحلة من حياته تعاطفاً مع الأفكار الاشتراكية، وفي العادة يقول لبعض محاوريه - بالنظر إلى أن السيدة زوجته ابنة قائد سلاح البحرية على عهد الرئيس جمال عبدالناصر: "أحب عبدالناصر وأكره الناصريين"، ولعله تصور أن إدخال بعض التعديلات على قانون منع الاحتكار يضفي عليه فاعلية وقوة تحدث توازناً بين التحرير الاقتصادي ومصالح المواطنين في انضباط الأسواق وسيادة قواعد الشفافية فيها. وهو تصور اصطدم بمصالح ديناصورية لها سطوتها داخل نظام الحكم الحالي، ناقض رشيد نفسه، أو لعله لم يدرك بما يكفي طبيعة نظام الحكم الذي يعمل فيه، ويطمح للصعود السياسي داخله، فالحقيقة أن صعوده جرت وقائعه بقوة المال والثروة وشبكات المصالح لا بقواعد العمل والإنتاج والشفافية وتعديلات مقترحة على قانون منع الاحتكار!، وقد دفع ثمن رهاناته لتحسين صورة الأداء الاقتصادي الحالي دون إدخال تعديلات جوهرية عليه، أو محاولة إحداث تزاوج قانوني بين التحرير الاقتصادي، وهو متوحش بطبيعته، وبين مصالح الناس وانضباط الأسواق، وهو يفترض دولة تعلي من شأن العدالة الاجتماعية والتزاماتها تجاه مواطنيها. انتصر "عز" عليه، وألغى تعديلات الحكومة، ويقال أن الوزير معتكف وغاضب ويفكر في الاستقالة، ولكنه لن يفعل، فنظام الحكم الحالي لا يعرف ثقافة الاستقالة، وخلافات البيت تحل داخله، والشعب آخر من يعنيه. ولا يشك أحد أن "عز" فعل ذلك بضوء أخضر من نجل الرئيس، فالرجلان -رشيد وعز- من رجاله المقربين، وانتصار أحدهما على الآخر، أو تضارب التصورات بينهما، يحدث داخل البيت، وهناك احتمال قوى أن "جمال مبارك" شريك مباشر لـ"عز" يحميه ويدعمه مقابل أن يدير الأخير حافظة مصالحه، فأياً كانت قوة سطوة "عز" فإنه يصعب تصور أن تفوق في مشهد واحد مناطق نفوذ وتأثير صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي ورشيد محمد رشيد واللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب برئاسة مصطفي السعيد، التي أيدت التعديلات الحكومية ودعت إلى التشدد في العقوبات المقترحة على المحتكرين، ما لم يكن مدعوماً من سلطة أعلى، لا يتصور في هذه الحالة غير أن تكون سلطة رئيس الجمهورية ونجله أمين لجنة السياسات، فهو أقرب أصدقاء الأخير، ويقال إنه يخاطب الرئيس بلقب: "أونكل"!. هذه هي المشكلة الحقيقية.. وصلب ما جرى تحت قبة البرلمان من "مساخر" لا مثيل لها في التاريخ المصري كله.

0 comments

 

خادم الحرمين زعيم العرب وامير المؤمنين Copyright © 2009 Blue Glide is Designed by Ipietoon Sponsored by Online Journal