Wednesday, May 7, 2008

بمهرجان قافلة السينما العربية

Posted by مجلة المصداقية السياسية at 2:38 PM
بعرض فيلم "أركانة" للمخرج المغربي حسن غنجة والذي تقوم ببطولته وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران، ضمن أفلام المسابقة بمهرجان قافلة السينما العربية الأوروبية بالقاهرة الذي ستحتظنه القاهرة ما بين 6 و12 ماي/ مايو الجاري تحت شعار "الحوار بين الشمال والجنوب، عن فيلم "أركانة" يقول مخرجه حسن غنجة: "اختمرت في دهني كتابة هد السيناريو، واستوحية فكرته عندما كنت بصدد تصوير برنامج تلفزيوني وأنا أعبر غابة "أزرو" متخذا وجهتي صوب مدينة الريصاني. قبل ما ينيف عن سبعين سنة خلت، كانت هده الغابة المهيبة مرتعا يأوي وحيشا من شتى الأصناف والفصائل: فهود، غزلان، وأسود الأطلس وغيرها من الأنواع والأجناس الحيوانية، ينضاف إلى هدا أكبر احتياطي في العالم من شجرة الأرز، تلك الأشجار المعمرة النبيلة التي قاومت نوائب الدهر وصروفه، والتي نجدها زينة لأفخم القصور التي شادتها السلالات الجليلة التي تعاقبت على الحكم بالمغرب على مر العصور والحقب.
شجرة الأرز هاتة توشك أن تعرف نفس المصير المأساوي الذي يخيم على فصيل آخر من الأشجار، وهو "الأركان" الذي يتعرض سنة بعد الأخرى للانقراض. هد المصير يزداد مأساوية إذا ما علمنا أن شجرة "الأركان" وحيدة ولا نضير لها إلا في بلدنا الطيب هذا، حيت أن ارض المغرب المباركة وحدها دون شريك تنفرد بمنحنا هده الهبة العجيبة التي لا مثيل لها ولا تجود بها أي تربة في سائر أصقاع المعمور.
من المؤكد إذن أن مصيرا مشئوما ومشتركا يؤلف بين الصنفين، فهما معا محكوم عليهما حتما بالاختفاء والاندثار إذا لم تعبأ الوسائل والطاقات الكفيلة بإنقاذها على وجه الاستعجال.
أمام التجاهل السافر، بل لنقل انعدام الضمير لساكنة الأرض، وخاصة المسؤولين ورؤساء الجماعات القروية في جل المناطق الغابوية في بلادنا على وجه أدق، وبغية إثارة معضلة الجرائم الشنيعة التي تقترف في حق الطبيعة التي أهيم بها حبا وتعلقا إلى حد التقديس، أرتئيت أن من أولى واجباتي هو تسخير مهنتي وتجربتي المتواضعة لخدمة هد البلد والدود بكل ما أوتيت من جهد عن محيطه وبيئته وطبيعته الغنية والمعرضة لأسباب الهلاك والتفسخ.
[إن الشجرة تموت، لكنها لا تسقط أبدا، تبقى بعد موتها منتصبة في شموخ وكبرياء، رمزا للعظمة والشرف]
هكذا نطق جدي، وبهذا كان ينهج لسانه كل حين.
هذه المقولة الدالة الرصينة ضلت عالقة بفكري وفي أعمق أغوار ذاكرتي، وأيما مررت وجدتني أتملى بناضري في غابة أو حتى شجرة، تنبعث هده الكلمات متوجهة لتحيا من جديد في إدراكي، لتذكرني بواجبي: أن أحب الطبيعة، أن يعلو صوتي بنداء يفضح ويدق ناقوس الخطر أمام التجاوزات والجرائم النكراء المقترفة في حقها.
"أركانة" إذن، شريط جعلت منه صدى لكل هده الأحاسيس النبيلة، عن طريق حكي قصة رشيد المفجعة لكي أسرد حبه لبلده، وحبه للطبيعة الذي أملاه عليه الإقدام والشجاعة والتضحية التي آلت إلى بتر إحدى ساقيه لتحويله إلى شاب كان بالأمس يطمح طموحا واندفاعا واستطلاعا إلى ابعد الآفاق ليصبح شخصا معاقا لا يملك حتى القدرة على الخطو على الأرض التي تحمله والتي كان يستطلع آفاقها البعيدة.
كل هذا من أجل الدفاع عن أفكاره ومبادئ غاية في النبل، من أجل أن يعانق المغرب ما هو أهل له من رخاء، من أجلنا نحن حاضرا ومن أجل الخلف والأجيال اللاحقة.
أن كلا من شخصية رشيد وتامغارت قد تمت دراستها بكل اهتمام ودقة، وذلك قصد إحداث أسلوب جديد وصياغة عقلية جديدة لشخوص الأفلام السينمائية، بعيدا عن أية مرجعية اعتبرها عتيقة ومتجاوزة، حيت النماذج المشكوكة الجاهزة والمبتذلة لأبطال الشريط السينمائي كما ألفناهم مفرغون في قالب واحد رتيب يفتقدون لأي طعم أو نكهة، نماذج من الشخوص تفتقر أيضا إلى دالك البعد الإنساني الذي يجعل الإنسان محور الاهتمام والإبداع بهمومه وآماله ومصائره.
على أن "أركانة" ليس مجرد مرافعة يراد منها الدفاع عن البيئة والسعي لحمايتها بإيقاظ الضمائر المتخشبة الموات فحسب بل شريط "أركانة" رمز وأنشودة مديح في حق الطبيعة وصيحة استنجاد واستغاثت تردد: من يدافع عن شجرة واحدة فكأنما يدافع في الوقت عن خيرات البلاد برمتها، ومن، هنا، عن كل خيرات العالم جميعا وأينما وجدت.
cdabcd
Omar_elfatihi@yahoo.fr

0 comments

 

خادم الحرمين زعيم العرب وامير المؤمنين Copyright © 2009 Blue Glide is Designed by Ipietoon Sponsored by Online Journal